١٨وقوله: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللّه لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) قوله: [(ولا تصاعر] و {وَلَا تُصَعِّرْ}، بالألف وبغير الألف، كلاهما لغتان. ثم أهل التأويل أو أكثرهم يقولون: قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}، أي: لا تعرض وجهك عن الناس؛ تعظمًا وتجبرًا وتكبرًا، وكذلك في قوله: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}: بطرا فرحا بالمعصية في الخيلاء والعظمة، مستكبرًا جبارًا، عامتهم يفسرونه بالإعراض للتكبر والتجبر، وكذلك يقول الحسن: إنه قال: هو الإعراض عن الناس من الكبر؛ استحقارا لهم واستخفافا بهم. والزجاج يقول: الصعر: هو داء يأخذ البعير؛ فيلوي عنقه؛ فعلى تأويله يكون قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ}، أي: لا تلو عنقك عن الناس. وأَبُو عَوْسَجَةَ يقول قريبًا من ذلك؛ يقول: {وَلَا تُصَعِّرْ}، أي: لا تتجبر، وهو أن تلوي عنقك؛ فلا تنظر إليهم كبرًا. ويقول: الصعر: هو اعوجاج في العنق؛ يقال: رجل أصعر، وبعير أصعر، وبه صعر، ويقال في الكلام: فلان صعر خده؛ إذا لوى رأسه عن الناس؛ فلم ينظر إليهم؛ كبرا منه. وقال - كما قال الزجاج -: إن الصعر داء يأخذ البعير؛ فيلوي عنقه، وأصله: الإعراض؛ على ما ذكره أهل التأويل وأهل الأدب. ثم هو يخرج على وجهين: أحدهما: ما ذكر أهل التأويل من حقيقة الإعراض؛ تكبرًا وتعظيمًا لأنفسهم، واستخفافا بالناس واستحقارا لهم؛ لما لم يروا الناس أمثالا لأنفسهم؛ وعلى ذلك يخرج قوله: {وَلَا تمَشِ فِي الْأَرْضِ} على حقيقة المشي على التكبر والتجبر، على ما ذكرنا. والثاني: ليس على حقيقة الإعراض بالوجه عنهم، ولا على حقيقة المشي بالأقدام؛ ولكنه كناية عن الامتناع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترك لذلك، لا على التكبر والتجبر عليهم والاستخفاف بهم، ولكن على الحذر والخوف منهم. فإن كان الامتناع والإعراض عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - فلم يعذروا في ترك ذلك؛ لما يحذرون ويخافون منهم. |
﴿ ١٨ ﴾