٢٣

وقوله: (وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ... (٢٣) حزنا تتلف وتهلك فيه، كقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}؛ فيخرج قوله: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} على التخفيف عليه والتسلي، ليس على النهي، وكذلك قوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}، على التخفيف عليه والتيسير، ليس على ترك الإشفاق والحزن عليهم؛ لأن رسول اللّه كادت نفسه تهلك؛ إشفاقًا عليهم وحزنًا على كفرهم؛ فيخرج ذلك على التخفيف عليه والتسلي.

والثاني: قوله: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}: لا يحزنك تكذيبه إياك؛ فذكر كفره؛ لأنه

بتكذيبه ما يصير كافرا وهو سبب كفره؛ كقوله: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ. . .} والآية: كان رسول اللّه يحزن ويهتم بتكذيبهم إياه فيما يقول ويخبر عن اللّه، فيقول: لا يحزنك تكذيبهم إياك؛ فإنهم إلينا يرجعون فنجزيهم ونكافئهم جزاء التكذيب.

والثالث: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، أي: فإن ضرر ذلك الكفر عليهم لا عليك؛ كقوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. . .} الآية، ونحوه من الآيات، يخبر رسوله ألا يحزن على كفر من كفر؛ فإن ضرر ذلك يلحقه، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}.

هذا وعيد، أي: إلينا مرجعهم فننبئهم عما غفلوا عنه واختاروه في الدنيا، فيحفظونه ويتذكرون ما عملوا.

أو أن يكون قوله: {فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}، أي: نجزيهم ونكافئهم جزاء أعمالهم ومكافأتهم.

{إِنَّ اللّه عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

أي: عالم بما كان منهم وما جزاؤهم، واللّه أعلم.

﴿ ٢٣