٤

وقوله: (اللّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤)

هذا -أيضًا- قد ذكرناه فيما تقدم.

وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.

وفي هذا -أيضًا- قد ذكرنا فيما تقدم تأويلات كثيرة، لكنا نذكر فيه حرفًا لم نذكره

فيما تقدم من الذكر؛ وكأنه أصوب وأقرب إلى الحق، وهو أن ذلك حرف وكلام لم يجعل اللّه - تعالى - في العقول والأفهام سبيل الدرك له والمعرفة - أعني: لقوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} - لأنه ذكر ذلك الحرف في موضع آخر، وأمره أن يسأل به خبيرًا؛ حيث قال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}، ولو كان ذلك الحرف مما لعقول البشر وأفهامهم سبيل الوصول إلى معرفته ودركه لأدركه عقل رسول رب العالمين وفهمه من غير أن يسأل به الخبير من كان: اللّه أو جبريل، فإذا أمره بالسؤال عنه دل أنه بالعقل والفهم لا يدرك ولا يعرف؛ ولكن بالسمع عن اللّه. ولم يذكر عن الرسول أنه فسر ذلك أو قال فيه أو سأله أحد عنه، واللّه أعلم.

وقوله: {مَا لَكُم مِنْ دُونهِ مِن وَليٍّ وَلَا شفيع}.

يقول أهل التأويل: ما لكم من دونه من ولي ينفعكم في الآخرة، ولا شفيع يدفع عنكم عذابه.

أو أن يكون قوله: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ}، أي: رب وإله يلي أمركم سواه، {وَلَا شَفِيعٍ}: لا هو ولا غيره، وأما للمؤمنين فإنه وليهم؛ كقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}.

وقوله: {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}.

فيما ذكر من صنعه؛ فتوحدونه، واللّه أعلم.

﴿ ٤