٢٩

وقوله: (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّه وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللّه أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)

معلوم أنهن إذا اخترن الحياة الدنيا وزينتها لا يحتمل ألا يردن اللّه، لكن إضافة ذلك إلى اللّه لاختيارهن المقام عند رسوله؛ فيدل ذلك أن كل ما أضيف إلى اللّه ورسوله كان المراد به رسوله؛ نحو ما قال: {فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}،

وقوله: {قُلِ الْأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ}، وأمثال ذلك.

ثم الزهد في الدنيا يكون بوجهين:

أحدهما: ترك المكاسب التي توسع الدنيا، ويكون بها السعة في الدنيا، ويؤثرها لغيرها على نفسه، واختيار حال الضيق من غير تحريم ما أحل وطيب له.

والثاني: بذل ما عنده لغيره وإيثاره على نفسه وجعله أولى به منه، لا في تحريم المحللات والطيبات.

وقوله: {فَإِنَّ اللّه أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}.

يحتمل قوله: {أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}، أي: إذا اخترن المقام عند رسول اللّه يصرن محسنات بذلك؛ فأعدّ لهن ما ذكر؛ فيكون ذلك الاختيار منهن: الإحسان؛ فاستوجبن ما ذكر: ويحتمل: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّه وَرَسُولَهُ}، ودمتن على ذلك واكتسبتن الأعمال الصالحات والإحسان حتى ختمتن على ذلك، فأعد لكن ذلك لا بنفس اختيار مقامكن معه، واللّه أعلم.

﴿ ٢٩