٤

وقوله: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)

المغفرة: هي التغطية والستر، ثم يكون الستر بوجهين:

أحدهما: يستر على أعين الزلات أنفسها ألا تذكر.

والثاني: يستر بالجزاء الحسن إذا لم يجز للزلات، هذا للمؤمنين: يستر عليهم الزلات مرة بترك ذكرها، ومرة بترك الجزاء عليها.

وأما الكافر فإنه إذا جزي على سيئة فقد أُظْهِرَ وفَشَا، ولم يستر عليه.

أو أن يكون قوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}، أي: ستر وهو أنه إذا أدخلهم الجنة، أنساهم زلاتهم؛ حتى لا يذكروا أبدا؛ لأن ذكر زلاتهم لربهم ينغص عليهم لذاتهم وتنعمهم.

وقوله: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، قيل: الكريم: الحسن.

وجائز أن يكون سماه: كريمًا؛ لأن من ناله كرم وشرف، كقوله: {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ}، واللّه أعلم.

وقوله: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) يحتمل حقيقة سعيهم في آياته بما ذكر؛ كقوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}: ذكر مرورهم عليها والإعراض عنها؛

فهو سعي.

وجائز على التمثيل، أي: يعملون عمل من أعجز الآيات؛ للجحود لها والتمرد والعناد، والمعجز: هو السابق، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} أي: سابقين فائتين، أي: لا تعجزونني، ولا تفوتون عني.

{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}.

الرجز: العذاب الأليم، أي: مؤلم، وذلك جائز في اللغة.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الْمُعَاجِز: الهارب؛ يهرب؛ لكي يعجز.

﴿ ٤