١١

وقوله: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١)

كأنه قال: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}، وقلنا له: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: السابغات: هي الدروع.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هي الواسعات.

وقيل: هي الطوال.

فكأنه أمر أن يتخذ من الدروع ما يأخذ من الرأس إلى القدم ما يصلح لحرب العدو.

وقوله: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: كانت الدروع قبل ذلك صفائح مضروبة، فسرد نبي اللّه حلقها بعضها في بعض، والسرد: المسامير والحلق، يقول: قدر المسامير في الحلق: لا بدق المسامير وتوسع الحلق؛ فتسلسل، ولا تضيق الحلق وتعظم المسامير فتقصم وتكسر؛ ولكن مستويًا لتكون أحكم.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}، أي: في النسج، أي: لا تجعل المسامير دقاقًا؛ فتقلق، ولا غلاظًا؛ فتكسر الحلق؛ ومنه قيل لصانع الدروع: سراد، وزرَّاد؛ كما يقال: صراط وسراط وزراط. والسرد: الحرز أيضًا، وقال غيره: السرد: الخروق في طبق الحلق، وإدخال الحلق بعضها في بعض.

وقوله: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا}.

جائز أن يكون قوله: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، فيما ذكر من عمل الدروع، ويحتمل في غيره من الأعمال، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، هو على الوعيد، واللّه أعلم.

﴿ ١١