١٣

وقوله: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)

قَالَ بَعْضُهُمْ: المحاريب هي المساجد.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هي القصور.

والمحاريب هي أشرف المواضع، ذكرت كناية عن غيرها، واللّه أعلم.

وقوله: {وَتَمَاثِيلَ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: هي التماثيل كهيئة تماثيل الرجال، يصورون في المساجد تماثيل الرجال العُبَّاد الزهاد، والملائكة، والنبيين، والرجال المتواضعين؛ لكي إذا رآهم الناس مصورًا عبدوا عبادتهم، وتشبهوا بهم.

أو أن تكون تماثيل لا رأس لها، نحو: الأواني والكيزان ونحوها.

أو أن يكون التماثيل يومئذ غير منهي العمل بها، فأما اليوم فقد نهوا عن العمل بها؛ مخافة أن يدعو ذلك إلى عبادة غير اللّه؛ وكذلك غز إبليس قومًا حتى عبدوا الأصنام؛ وإلا ليس من الأصنام ولا فيها ما يغتر به المرء على عبادته، واللّه أعلم.

وقوله: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: قصاع كالجواب، كهيئة حياض الإبل؛ حتى يجلس على القصعة الواحدة ألف وزيادة يأكلون منها.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ}، أي: كالجوبة من الأرض التي تحفر للماء؛ يصف عظم ذلك؛ ففيه أنهم كانوا يجتمعون في الأكل لا ينفردون به.

وقوله: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}.

أي: كانوا يتخذون له قدورًا عظامًا في الجبال التي لا تحرك من مكان، {رَاسِيَاتٍ}، أي: ثابتات كما ذكر، والجبال الرواسي، أي: الثوابت.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}: هي القدور العظام التي أفرغت إفراغا وأكفيت - لعظمها - إكفاء، وهما واحد، واللّه أعلم.

وقوله: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: اعملوا لآل داود شكرًا؛ لأنه ذكر أنه ليس من زمان في ليل ونهار إلا ويكون من آل داود صائم بالنهار ومصل بالليل، أو كلام نحوه؛ فأمروا بالشكر لهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كأنه قال: اعملوا يا آل داود شكرًا، لما أعطيتكم من الملك والفضل.

{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.

أي: قليل من عبادي المؤمنين، والشكور كناية عن المؤمن؛ على ما ذكرنا في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} أي: لكل مؤمن، واللّه أعلم.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ}، أي: أذبنا له عين النحاس، والشكور هو الفعول، والفعول والفعال هما اللذان يكثران الفعل؛ فكأن الشكور هو الذي يعتقد الشكر لربه، ويشكر مع الاعتقاد؛ فيكون منه الاعتقاد والمعاملة جميعًا.

﴿ ١٣