١٥وقوله: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ}. يحتمل الآية التي ذكر لهم في مساكنهم: الجنتين اللتين ذكرهما: إحداهما عن اليمين، والأخرى عن الشمال، ويكون لهم فيها عبرة، فتحملهم على الشكر لربهم عليهما، والحمد له، والثناء عليه في تلك النعم. أو يذكرهم قدرة خالقهم وسلطانه وهيبته؛ فيحملهم ذلك على الخوف في العواقب، والعقاب على خلافه، ورجاء الثواب على طاعته، فلم يتذكروا. أو أن يكون الآية التي ذكر لهم في تبديل الجنتين اللتين كان لهم فيهما كل سعة وخصب، وكل ألوان الفواكه والجواهر، على غير مؤنة تلحقهم؛ لأنه قال في غير آي من القرآن: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}، فأخبر هاهنا لهم أن لهم في تبديل جنتيهم جنتين آية لو اعتبروا واتعظوا؛ فلا يقع لهم الحاجة إلى النظر في آثار من تقدم منهم، بل العبرة في ذلك لهم أكثر؛ لأنهم عاينوا هذا على ما عاينوا من أنواع النعم، ثم غير ذلك وبدل عليهم، وما تقدم منهم إنما يعرفون ذلك عن خبر يبلغهم؛ لأن أصلهم قد هلكوا، وهذا على المشاهدة والمعاينة. وقوله: {عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ}. قيل: عن يمين الوادي وشماله، ويحتمل: عن يمين الطريق وشماله؛ فتكون عن يمينهم وشمالهم. وقوله: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ}. كأنه قالت لهم الرسل: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ}؛ إذ ذكر أنه بعث فيهم كذا كذا رسولا. ثم وصف بلدة سبأ أنها طيبة؛ حيث قال: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ}: يحتمل ما ذكر من طيبها: هو سعتها وكثرة ريعها ومياهها وألوان ثمارها وفواكهها. وقوله: {وَرَبٌّ غَفُورٌ}، أي: إن ربكم إن شكرتم فيما رزقكم وأنعم عليكم رب غفور لذنوبكم. أو يقال: {وَرَبٌّ غَفُورٌ}، أي: ستور، يستر عليكم ذنوبكم، ولا يفضحكم إذا صدقتموه، وأطعتموه، وشكرتم نعمه. ذكر أن المرأة منهم كانت تحمل المكتل على رأسها، والمغزل بيدها، فتدخل البستان؛ فتمتلئ مكتلها من ألوان الفواكه والثمار من غير أن تمس شيئًا بيدها؛ لكثرة ريعها ونزلها، واللّه أعلم. |
﴿ ١٥ ﴾