١٦

ثم ذكر سبب تبديل الجنتين اللتين كانت لهم، وبم كان التبديل؟ وهو ما قال: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦)

قَالَ بَعْضُهُمْ: كان أهل سبأ إذا مطروا يأتيهم السيل من مسيرة شهر أيامًا كثيرة، فعمدوا فسدوا العرم، وهو الوادي ما بين الجنتين، بالصخرة والقبو، وجعلوا عليه الأبواب، فلما: عصوا ربهم، فأعرضوا عنه، وكفروا نعمه؛ فسلط اللّه عليهم - على ذلك السد الذي بنوا الفأرة؛ فنقبت الردم، فغشي الماء أرضهم؛ فعقر أشجارهم، وأباد أنعامهم، ودفن محاريثهم، وذهب بجناتهم.

ومنهم من يقول: {الْعَرِمِ}: وهو المسنَّاة، واحدها: عرمة، فذهب السيل الذي أرسل عليهم بالمسناة؛ فيبست جناتهم، وأبدل لهم مكان الثمار والأعناب ما ذكر من الخمط والأثل والسدر؛ حيث قال: {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ}.

الأكل القليل هو الثمر، والخمط: الأراك.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: شجر العضاة، وهي شجر ذات شوك، والأثل، قيل: هو شبيه

بالطرفاء إلا أنه أعظم منه، والسدر هو معروف عندهم.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ قريبًا من ذلك، قال: الأُكُل: الحمل، والخمط عندي: السدر وحمله،

وقال: الخمط: الريح الطيبة، وتقول: هذا شجر له خمطة، أي: ريح طيبة، والخمط: أن تأخذ شيئًا من هنا وثمة، وتخلطه، والأثل: شجر أيضًا لا حمل فيه.

والزجاج يقول: الأثل هو الثمرة التي فيها المرارة تذهب تلك المرارة بطعمها، أو كلام نحوه.

﴿ ١٦