سُورَةُ الزُّمَرِ

وهي مَكِّيَّة

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّه الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)

يقول - واللّه أعلم -: إن الكتاب الذي يتلوه رسولنا مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويدعوكم إليه هو تنزيل من عند اللّه؛ كقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ. . .} الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} على أثر قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّه} يخرج - واللّه أعلم - أنه يدعوكم مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى اتباع الكتاب والطاعة، ليس لذل به يطلب بكم العز أو الضعف في التدبير فيطلب بكم الاستعانة فيه؛ لأنه عزيز بذاته حكيم لا يلحقه الخطأ أو الضعف في التدبير، ولكن إنما أمركم بما أمر ونهاكم عما نهى لتكتسبوا لأنفسكم ولتنتفعوا به، فأمَّا اللّه - سبحانه - عزيز بذاته غني حكيم بنفسه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: العزيز هو الذي لا يعجزه شيء، والحكيم هو الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو العزيز؛ لأن كل عزيز دونه إنما يصير ذليلا عنده وعز من دونه عند عزه ذلا، والحكيم هو المصيب في فعله وتدبيره، وقيل: هو الذي وضع كل شيء موضعه.

وقال بعض أهل التأويل: العزيز هو المنيع، وتأويل المنيع: الممتنع عن جميع مكائد الخلق وجميع حيلهم بالضرر له، وقد ذكرنا هذا في غير موضع، واللّه أعلم.

﴿ ١