٣١

ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) روي عن ابن عمر - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - قال: كنا لا لعلم ما يفسر هذه الآية، وكنا نقول: من يخاصم؟ فلما وقعت الفتنة بين أصحاب رسول اللّه، حتى كفح بعضنا وجوه بعض بالسيوف، فعرفت أنها نزلت فينا.

وذكر عن الزبير: لما نزلت هذه الآية، فقال: يا رسول اللّه، أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا، فقال: (نعم)، فقال: إن الأمر إذن لشديد.

وروي عن بعض الصحابة - رضوان اللّه عليهم أجمعين - لما نزلت هذه الآية أنهم قالوا: كيف نختصم ونحن إخوان؟! فلما قتل عثمان ظلمًا وعدوانا، علموا أنها لهم وفيهم، واللّه أعلم.

ثم خصومتهم هذه يوم القيامة تحتمل وجهين:

أحدهما: في المظالم أو في الحقوق التي كانت لبعض على بعض، أو في الدِّين، أو في أمر الدنيا.

أو أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} لما بلغت المحاجة غايتها في الدِّين والدنيا، ولم تنجع فيهم ولا قبلوها أخبر أنهم يختصمون في ذلك يوم القيامة في الوقت الذي يعاينون العذاب، ويظهر لهم الحق، فينقادون لها في ذلك الوقت، فلا ينفعهم ذلك، واللّه أعلم.

وفي حرف ابن مسعود: (إنك مائت وإنهم مائتون) والعرب تقول: مات يمات فهو مائت.

﴿ ٣١