٥٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ... (٥٢)

يذكر هذا أن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء لا لكرامة وفضل عند اللّه ولا لحق قبله، ويضيق على من يشاء لا لهوان له عنده ولا لجناية؛ ولكن امتحانا لهم بمختلف الأحوال: يمتحن هذا بالسعة؛ ليستأدي به منه الشكر، ويضيق على هذا؛ يطلب منه الصبر على ذلك.

أو يمتحن بعضهم بالسعة، وبعضهم بالشدة والضيق؛ ليعلموا أن ذلك كله في يد غيرهم، لا في أيديهم؛ إذ يمتحنهم بمختلف الأحوال ليكونوا -أبدا- فزعين إلى اللّه في كل وقت وكل ساعة، ولو كان السعة والنعمة لكرامة عند اللّه وفضل - على ما ظن

أُولَئِكَ - لكان لا يحتمل ذلك مختلفي المذهب الذي يناقض بعضه بعضا ويضاد بعضه بعضًا: نحو المسلم والكافر، وقد وسع على المسلم ووسع على الكافر، وقد ضيق عليهما جميعًا؛ يدل أن التوسيع ليس للكرامة والمنزلة عند اللّه أو لحق عليه، ولا التضييق والتقتير لهوان؛ إذ لو كان لذلك لكان لا يجمع بين متضاد المذهب ومختلفهما؛ فإذا جمع دل أنه لمعنى الامتحان، لا لما ظن أُولَئِكَ، واللّه أعلم.

وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ}، فيما ذكر من التوسيع والبسط والتضييق والتقتير، {لَآيَاتٍ}، أي: لعبرة وعظة، {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}:

يؤمنون أنه لم يوسع على ما وسع لكرامته عند اللّه ومنزلته وفضله، ولا ضيق على من ضيق لهوان له عنده ولا جناية، واللّه أعلم.

﴿ ٥٢