٥٩وقد كذبه - عَزَّ وَجَلَّ - في قوله هذا؛ حيث قال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، ثم كذبهم في قولهم: {لَوْ أَنَّ اللّه هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، وفي قولهم: {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}؛ حيث قال اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩). يقول - واللّه أعلم -: بلى قد جاءتك آياتي، وبينت لك الهداية من الغواية، وسبيل الحق من الباطل، والخير من الشر، والكذب من الصدق، ومكنت من اختيار الهداية على الغواية، ومكن لهم اختيار الحق على الباطل والصدق على الكذب، لكن تركتم ذلك، وضيعتم واستخففتم به، واشتغلتم بضد ذلك؛ فإنما جاء ذلك التضييع من قبلكم لا من قبل اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - قد أتى بالحجج والآيات والبيان في ذلك غاية ما يجب أن يؤتى ما لم يكن لأحد عذر في الجهل في ذلك والترك، واللّه أعلم. وأكثر القراءات على التذكير في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي. . .} إلى آخره: على إرادة المخاطبة، وقد يقرأ بالتأنيث؛ على إرادة النفس التي تقدم ذكرها والخبر عنها، ويروى في ذلك خبر عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قرأ بالتأنيث: (بلى قد جاءتْكِ)، واللّه أعلم. |
﴿ ٥٩ ﴾