٢٤وقوله: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ ... (٢٤) ليعلم أنه كان مبعوثًا إلى الكل لم يبعث إلى بعض دون بعض. وقوله: {فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}. دل قولهم: ساحر كذاب على أن موسى - عليه السلام - قد آتاهم من الآيات والحجج ما عجزوا عن إتيان مثلها والمقابلة لها؛ فخافوا أن يتبعه الناس لذلك، فموهوا بقولهم: {سَاحِرٌ كَذَّابٌ} على سائر الناس؛ لئلا يتبعوه فيما يدعو؛ لما عرف الناس أن السحر ليس يعرفه كل أحد وأن أكثر الناس يعجزون عن السحر، وكانوا يعرفون أن السحر يكون كذبًا، فموهوا بذلك القول أمر موسى - عليه السلام - على أتباعهم، ونسبوه إلى الكذب من غير أن ظهر من موسى كذب قط، وقد كان لم يزل من فرعون تمويه وتلبيس على قومه أمر موسى؛ مخاقة أن يتبعوه؛ لما أتاهم من الحجج والأدلة التي ظهرت عندهم أنها حجج وأدلة، من ذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} وقوله: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}، قال هذا بعد ما اتبعه السحرة وآمنوا به؛ ليموه بذلك أمرهم على من لم يبع موسى من الأتباع، وقوله: {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا}، وغير ذلك من التمويهات التي كانت منه؛ فعلى ذلك هذا القول منهم حيث قالوا: {سَاحِرٌ كَذَّابٌ} لأنهم اعتادوا. وجائز أن يكون قولهم: إنه كذاب؛ لأنهم اعتادوا عبادة الأصنام دون اللّه تعالى، فلما جاء موسى - عليه السلام - بما يمنعهم عن عبادة ما اعتادوا من العدد، ودعاهم إلى عبادة الواحد - قالوا: إنه كذاب، وكذلك قال أهل مكة لرسولنا وسيدنا مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: إنه {سَاحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}، سموه: كذابًا؛ لما دعاهم إلى عبادة الواحد، ومنعهم عن عبادة ما اعتادوا من العدد، واللّه أعلم. |
﴿ ٢٤ ﴾