٣١ثم قوله: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: مثل صنيع قوم نوح ومن ذكر وفعلهم. وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: مثل عذاب قوم نوح ومن ذكر، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا اللّه يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ}. في هذه الآية للمعتزلة نوعُ تعلقٍ؛ يقولون: إن اللّه تعالى قد أراد من العباد ما يفعلون من أفعال الظلم والجور، وقد أخبر اللّه تعالى أنه لا يريد ظلمًا للعباد. ولكن الآية في التحقيق عليهم؛ لأنه قال في آية أخرى: {يُرِيدُ اللّه أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ}، أخبر أنه أراد ألا يجعل لهم حَظًّا فِي الْآخِرَةِ، ولو لم يرد منهم ما يستوجبون به العذاب كان في تعذيبه إياهم ظالما على زعمهم؛ دل أنه أراد منهم ما يستوجبون به العذاب وهو فعل الظلم، واللّه أعلم. ثم تأويل الآية يخرج على وجهين: أحدهما: أن الإرادة هي صفة كل فاعل يفعل عن اختيار، فكأنه قال: واللّه لا يظلم عباده؛ كقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. والثاني: فيه إخبار أنه لا يعاقَبُ أحد بذنب غيره، ولا يؤاخذ بجريمة غيره، ولا يزيد على قدر ما يستحقون به العذاب، أو لا ينقصهم من ثواب حسناتهم شيئًا؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللّه لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، وغير ذلك من الآيات ما فيها إخبار أنه لا يجزيهم بأكثر مما يستوجبون ليس على ظن أُولَئِكَ، واللّه أعلم. |
﴿ ٣١ ﴾