٤٠ثم أخبر عن عدل اللّه تعالى في أعدائه وفضله في أوليائه حيث قال: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ... (٤٠) أي: لا يجزى ولا يزيد لهم على مثل جنايتهم؛ لأن المثل هو العدل في جميع الأشياء، يخبر ألا يزيد على عقوبة عملهم، ولكن يجزيهم بمثله، وأما جزاء الحسنة فإنه يزيد لهم على قدر ما يستوجبون؛ فضلا منه وإحسانًا. ثم فيه دلالة نقض قول المعتزلة: إن صاحب الكبيرة في النار أبدًا؛ لو كان على ما ذكروا كان في ذلك تسوية بين صاحب الكبيرة وبين صاحب الشرك؛ فإما أن يكون نقصانًا لصاحب الشرك عن مثل عقوبته أو زيادة لصاحب الكبيرة، وقد أخبر أنه لا يجزى إلا مثلها فذلك خلاف ظاهر الآية. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}. دل هذا عمى أن العمل الصالح لا ينفع ولا يجزي إلا من كان منه الإيمان به. وقوله: {يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}. يحتمل بلا تبعة: ويحتمل بغير تقدير وعدّ، وقد ذكرناه فيما تقدم. |
﴿ ٤٠ ﴾