٤٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّه إِنَّ اللّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤)

أي: ستذكرون إذا عاينتم ما أعدّ لكم وأعد لنا: أن ما كنتم عليه ودعوتموني إليه دعاءٌ إلى الهلاك، وما دعوتكم إليه هو دعاءٌ إلى الجنة.

أو يقول: ستذكرون ما نصحت بدعائي إياكم إلى ما به نجاتكم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّه}، هذا يخرج على وجوه:

أحدها: كأنهم خوفوه وأوعدوه بأنواع الوعيد والتخويف، فقال عند ذلك: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّه}، وأتوكل عليه، فيحفظني ويدفع عني شركم وما تقصدون بي، واللّه أعلم.

والثاني: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّه} أي: عليه أتوكل، وأَكِلُ في جميع الأمور من الخيرات والشرور، وهو الكافي لذلك.

والثالث: إظهار الحاجة إليه، والمؤمن أبدا يكون مظهرًا للحاجة إلى اللّه - تعالى - في كل وقت وكل ساعة، واللّه أعلم.

والرابع: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّه} أي: لا أشتغل بشيء في أمري أصيره إلى اللّه، تعالى.

وعلى قول المعتزلة لا يصح تفويض الأمر إلى اللّه تعالى؛ لأنهم يقولون: إن عليه أن يعطيه جميع ما يحتاج إليه المكلف حتى لا يبقى عنده مزيد، وإذا لم يبق عنده شيء، فليس لتفويض الأمر إليه معنى، واللّه الموفق.

﴿ ٤٤