٢

ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللّه مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ... (٢) يخرج على وجهين:

أحدهما: يرجع إلى ذنبه؛ أخبر أنه غفر له.

ثم لا يجوز لنا أن نبحث عن ذنبه ونتكلف أنه ما كان ذنبه؟ وأيش كانت زلته؟ لأن البحث عن زلته مما يوجب التنقص فيه، فمن تكلف البحث عن ذلك يخاف عليه الكفر، لكن ذنبه وذنب سائر الأنبياء - عليهم السلام - ليس نظير ذنبنا؛ إذ ذنبهم بمنزلة فعل مباح منا، لكنهم نهوا عن ذلك، واللّه أعلم.

وجائز أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللّه مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} أي: يغفر ذنبه ابتداء غفران؛ أي: عصمه عن ذلك، وذلك جائز في اللغة، واللّه أعلم.

والوجه الثاني يرجع إلى ذنوب أمته؛ أي: ليغفر لك اللّه ذنوب أمتك، وهو ما يشفع لأمته، فيغفر له؛ أي: لشفاعته، وهو كما روي في الخبر: " يغفر للمؤذن مدّ صوته " أي: يجعل له الشفاعة، فعلى ذلك جائز أن يكون قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللّه} أي: يغفر لأمته بشفاعته، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} يحتمل إتمام نعمته عليه هو ما ذكرنا من الرسالة والنبوة، وفتح ما ذكر من أبواب الخيرات والحكمة في الدنيا والآخرة، والشفاعة له في الآخرة، أو إظهار دينه على الأديان كلها، وإياس أُولَئِكَ الكفرة عن عوده إلى دينهم؛ كقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. . .} الآية، واللّه أعلم.

﴿ ٢