٣وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) يحتمل أوجها: أحدها: هداه إلى ما أحوجه إليه، فهدى العبد إلى معيشته من أين يأخذها؟ وهدى كل دابة إلى رزقها وعيشها، فعرفت كل دابة رزقها. أو يكون قوله: {فَهَدَى}، أي: هدى به. أو تكون الهداية منصرفة إلى أمر الدِّين، وذلك يرجع إلى الخصوص من الخلق الذين لهم عقول مميزة؛ فيكون معناه: هدى فيمن هدى. وطعنت المعتزلة علينا بهذه الآية، فقالت: إن اللّه - تعالى - يقول: {قَدَّرَ فَهَدَى}، وأنتم تقولون: قدر فأضل؛ ولكن هذا التحقيق يرجع إليهم؛ لأنهم يحملون تأويل الهداية على البيان، وإذا كان كذلك وقد بين اللّه تعالى سبيل الهدى وسبيل الضلال جميعا، فإذن قد أضله؛ حيث بين له سبيل الضلال على قولهم. ثم ليس في قوله: {قَدَّرَ فَهَدَى} نفي الإضلال؛ إذ التخصيص بالذكر لا يدل على نفي ذلك عما عداه؛ فلم يجب قطع الحكم على ما ذكروه، وقد ذكر في موضع آخر المكرمين بالهدى؛ فقال: (الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) الآية؛ فثبت أن الهدى راجع إلى الخصوص؛ فقوله: {قَدَّرَ}، أي: قدر لخلقه معايشهم، وهداهم وجه أخذ المعيشة. |
﴿ ٣ ﴾