٨وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩): فإن كان قوله: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} على نفي القدرة على البعث، ففي ذكر العينين نفي تلك الشبهة، وهو أن اللّه - تعالى - أنشأ له بصرا يرى بفتحة واحدة ما بين السماء والأرض، فمن بلغت قدرته هذا لا يعجزه شيء أو يخفى عليه أمر، فقوله: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ}، أي: ألم نخلق له عينين يدرك بهما المحسوسات بالنظر، وجعلنا لهما جفونا وأشفارا يدفع بهن القذى عن عينيه، ويغضهما بهن عن النظر إلى ما لا يعنيه. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلِسَانًا} أي: خلقنا له لسانا يحضر به ما غاب واستتر. وقوله: {وَشَفَتَيْنِ} ففي خلق الشفتين وجهان من الحكمة. أحدهما: أنه جعلهما طبقا يستران قبح ما في فمه، ولولاهما لكان الناظر إليه وقت مضغه الطعام أو شيئا من الأشياء، استقذر ذلك منه. وجعلهما طبقا للسانه؛ لئلا يمده، ويستعمله فيما لا يعنيه. فذكرهم عظيم نعمه في خلق العينين واللسان والشفتين؛ ليستأدي منهم الشكر، وليعلموا أن الذي بلغت قدرته هذا، ليس بالذي يعجزه شيء. |
﴿ ٨ ﴾