٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (رَسُولٌ مِنَ اللّه يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢):

على التأويل الأول في البينة يكون ما ذكر من قوله: {رَسُولٌ مِنَ اللّه} تفسيرا للبينة.

وعلى الثاني يخرج على الابتداء، يقول: رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يتلو صحفا مطهرة.

ثم جائِز أن يكون سمى القرآن وحده: صحفا؛ على المبالغة؛ إذ قد يسمى الواحد باسم الجميع على المبالغة.

وجائز أن يكون قوله: {يَتْلُو صُحُفًا}: القرآن، وسائر الصحف؛ لأن سائر الصحف فيه.

وكذلك: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}، جائز أن يكون سمى كتابه المنزل على رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: كتبا؛ على الإبلاع، والتأكيد؛ على ما ذكرنا.

وجائز أن يكون: يتلو صحفا وكتبا عليهم، وهي التوراة والإنجيل والزبور، كأن هذا القرآن في تلك الكتب، وتلك الكتب في هذا، وهو كقوله - تعالى -: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، أخبر أنه في تلك الكتب، وأن الكتب الأولى فيه؛ فيصير بتلاوة هذا عليهم كأنه تلا تلك الكتب عليهم، وعلى هذا قوله - تعالى -: {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي. . .}، وقوله - تعالى -: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ. . .}، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُم. . .}، ففى هذا ما في تلك الكتب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {صُحُفًا مُطَهَّرَةً}: التي كانت في أيدي السفرة البررة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {مُطَهَّرَةً}، يحتمل: مطهرة من أن يكون للباطل فيها حجة أو مدخل.

أو مطهرة من الافتعال والافتراء.

أو مطهرة من أن تحتمل ما ذكره أُولَئِكَ الكفرة.

وقال قتادة: سمى كتابه بأحسن الأسماء، وأثنى عليه بأحسن الثناء، سماه: نورا، وهدى، ورحمة، وبركة، وآية، [وشفاء]، ونحوه.

﴿ ٢