٢٥

قوله عز وجل : { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } بشر من البشارة ، أو خبر يرد عليك بما يَسُرُّ ، وقيل بما يُسرُّ ويُغِمُّ ، وإنما كثر استعماله فيما يَسُرُّ ، حتى عُدِلَ به عما يُغِمُّ ، وهو مأخوذ من البَشْرَةِ وهي ظاهر الجلد لتغيرها بأول خبر [ يرد عليه ] .

والجنات جمع جنة ، وهي البستان ذو الشجر ، وسمي جنة لأن ما فيه من الشجر يستره ، وقال المفضل : الجنة كل بستان فيه نخل ، وإن لم يكن فيه شجر غيره ، فإن كان فيه كَرْمٌ فهو فردوس ، كان فيه شجر غير الكرم أو لم يكن .

{ تَجْرِي مِنْ تَحْتَها الأَنْهَارُ } يعني من تحت الشجر ، وقيل : إن أنهار الجنة تجري من غير أخدود .

قوله عز وجل : { كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هذا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } ، يعني بقوله : { رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرةٍ رِزْقاً } أي من ثمار شجرها .

{ قَالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } فيه تأويلان :

أحدهما : أن معناه : أن هذا الذي رُزِقْنَاهُ من ثمار الجنة ، مثلُ الذي رُزِقْنَاهُ من ثمار الدنيا ، وهذا قول ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وقتادة .

والثاني : أن ثمار الجنة إذا جنيت من أشجارها ، استخلف مكانها مثلها ، فإذا رأوا ما استخلف بعد الذي جُنِي ، اشتُبِه عليهم ، فقالوا : { هذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْل } ، وهو قول أبي عبيد ويحيى بن أبي كثير .

قوله عز وجل : { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : أن معنى التشابه أن كله خيار يشبه بعضه بعضاً وليس كثمار الدنيا ، التي لا تتشابه لأن فيها خياراً وغير خيار ، وهذا قول الحسن وقتادة وابن جريج .

والثاني : أن التشابه في اللون دون الطعم فكأن ثمار الجنة في ألوان ثمار الدنيا ، وإن خالفتها في الطعم ، وهذا قول ابن عباس وابن مسعود والربيع بن أنس .

والثالث : أن التشابه في الأسماء دون الألوان والطعوم ، فلا تشبه ثمار الجنة شيئاً من ثمار الدنيا في لون ولا طعم ، وهذا قول ابن الأشجعي وليس بشيء .

قوله عز وجل : { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } في الأبدان ، والأخلاق ، والأفعال ، فلا يَحِضْن ، ولا يلدْن ، ولا يذهَبْن إلى غائطٍ ولا بولٍ ، وهذا قول جميع أهل التفسير .

﴿ ٢٥