٣١

قوله عز وجل : { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا } في تسميته بآدم قولان :

أحدهما : أنه سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض ، وأديمها هو وجهها الظاهر ، وهذا قول ابن عباس ، وقد رَوَى أبو موسى الأشعري قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { إِنَّ اللّه تعالى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ ، قَبَضَها مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ ، جَاءَ مِنْهُمُ الأَحْمَرُ ، وَالأَسوَدُ ، وَالأبْيَضُ ، وَالسَهْلُ ، وَالخَبِيْثُ ، وَالطَّيِّبُ }.

والثاني : أنه مأخوذ من الأدمة ، وهي اللون .

وفي الأسماء التي علَّمها اللّه تعالى آدَمَ ، ثلاثة أقْوَالٍ :

 أحدها : أسماء الملائكة .

والثاني : أسماء ذريته .

والثالث : أسماء جميع الأشياء ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد .

ثم فيه وجهان :

أحدهما : أن التعليم إنما كان مقصوراً على الاسم دون المعنى .

والثاني : أنه علمه الأسماء ومعانيها ، إذ لا فائدة في علم الأسماء بلا معاني ، فتكون المعاني هي المقصودة ، والأسماءُ دلائل عليها .

وإذا قيل بالوجه الأول ، أن التعليم إنما كان مقصوراً على ألفاظ الأسماء دون معانيها ، ففيه وجهان :

أحدهما : أنه علمه إياها باللغة ، التي كان يتكلم بها .

والثاني : أنه علمه بجميع اللغات ، وعلمها آدمُ ولده ، فلما تفرقوا تكلم كل قوم منهم بلسان استسهلوه منها وأَلِفُوه ، ثم نسوا غيره فتطاول الزمن ، وزعم قوم أنهم أصبحوا وكل منهم يتكلمون بلغةٍ قد نسوا غيرها في ليلة واحِدةٍ ، ومثل هذا في العُرْفِ ممتنع .

قوله عز وجلَّ : { ثُمَّ عَرَضَهُمْ على الْمَلاَئِكَةِ } وفيما عرضه عليهم قولان :

أحدهما : أنه عرض عليهم الأسماء دون المسميات .

والثاني : أنه عرض عليهم المُسَمَّيْنَ بها .

وفي حرف ابن مسعود : { وَعَرَضَهُنَّ } وفي حرف أُبَيٍّ : { وَعَرَضَهَا } فكان الأصح توجه العرض إلى المُسَمًّيْنَ .

ثم في زمان عرْضِهِم قولان :

أحدهما : أنه عرضهم بعد أن خلقهم .

والثاني : أنه صورهم لقلوب الملائكة ، ثم عرضهم قبل خلقهم .

{ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ومعنى أنبئوني خبروني مأخوذ من الإنباء ، وفي الإنباء قولان :

أَظْهَرُهُمَا : أنه الإخبار ، والنبأ الخبر ، والنبيء بالهمز مشتق من هذا .

والثاني : أن الإنباء الإعلام ، وإنما يستعمل في الإخبار مجازاً .

وقوله : { بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ } يعني الأسماءَ الَّتي علمها آدم . وفي

قوله تعالى : { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ستة أقاويل :

أحدها : إن كنتم صادقين أني لا أخلق خَلْقاً إلا كنتم أعلم منه ؛ لأنه هجس في نفوسهم أنهم أعلم من غيرهم .

والثاني : إن كنتم صادقين فيما زعمتم أن خُلَفَائي يفسدون في الأرض .

والثالث : إن كنتم صادقين أني إنِ استخلفتكم فيها سبَّحْتموني وقَدَّسْتُمُوني ، فإن استخلفت غيركم فيها عصاني .

والرابع : إن كنتم صادقين فيما وقع في نفوسكم ، أني لا أخلق خلقاً إلا كنتم أفضل منه .

والخامس : معنى قوله : { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي عالمين . والسادس : أن معناه إن كنتم صادقين .

﴿ ٣١