٥٨

قولُهُ عزَّ وجلَّ : { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ } :

اختلفوا فيها على ثلاثةِ أقاويلَ :

أحدها : أنها بيت المقدس ، وهو قول قتادة ، والربيع بن أنس .

والثاني : أنها قريةٌ ببيت المقدس ، وهو قول السدي .

والثالث : أنها { أريحا } قرب بيت المقدس ، وهو قول ابن زيد .

قوله عز وجل : { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً } .

اختلفوا في الباب على قولين :

أحدهما : أنه باب حِطَّةَ وهو الباب الثامن ببيت المقدس ، وهذا قول مجاهد ، والسُّدِّيِّ .

والثاني : أنه باب القرية ، التي أمروا بدخولها .

وفي قوله : { سُجَّداً } تأويلان :

أحدهما : يعني : رُكَّعاً ، وهذا قول ابن عباس .

والثاني : معناه : خاضعين متواضعين . وأصل السجود الانحناء تعظيماً لمن يُسجَد له ، وخضوعاً ، ومنه قول الشاعر :

بَجَمْعٍ تَضَلُّ الْبَلْقُ في حُجُرَاتِهِ

تَرَى الأكْمَ فِيهِ سُجَّداً لِلْحَوافِرِ

وقال أعشى قيس :

يُرَاوِحُ مِنْ صَلَواتِ الْمِلَي

كِ طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً حِوَاراً

وفي قوله تعالى : { وَقُولُوا حِطَّةٌ } أربعةُ تأويلاتٍ :

أحدها : أنه قول : لا إله إلا اللّه ، وهو قول عكرمة .

والثاني : أن { حِطَّة } المغفرة ، فكأنه أمر بالاستغفار ، وهو رواية سعيد بن جبيرٍ ، عن ابن عباسٍ .

والثالث : هو قولهم : هذا الأمر حق كما قيل لكم ، وهو رواية الضحاك ، عن ابن عباسٍ .

والرابع : معناه : حُطَّ عنا خطايانا ، وهو قول الحسن ، وقتادة ، وابن زيدٍ ، وهو أشبهُ بظاهر اللفظ .

قوله عز وجل : { نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ } أي نرحمْكم ، ونسترها عليكم ، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها .

والخطأ : العدولُ عن القصد ، يقال خَطِئ الشيءَ خَطَأً ، إذا أصابه ولم يُرِدْهُ ، وأَخْطَأَ يُخْطِئُ ، إذا أراده ولم يُصِبْهُ ، فالأول خاطئ والثاني مُخطِئ .

وأصل المغفرة : التغطية والستر ؛ ولذلك قيل للبيضة من الحديد : مِغْفَرٌ ، لأنها تُغَطِّي الرأسَ وتُغَطِّي الرأسَ وتُجِنُّهُ ، ومنه قول أوسِ بنِ حجر :

وَلاَ أَعْتِبُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ مُخْطِئاً وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ إِنْ كَانَ جَاهِلاً

﴿ ٥٨