٦٠

قوله تعالى : { وَإِذِ اسْتسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ } تقديره : وإذ استسقانا موسى لقومه ، والاستسقاء : طلب السَّقْيِ ، والعربُ تقول : سَقَيْتُهُ ، وأسقيتُه ، فقيل : إنهما لغتان ومعناهما واحد ، وقيل بل سقيته من سَقْيِ الشَّفةِ ، وأسْقَيْتُهُ : دللته على الماء .

{ فَقُلْنَا اضْرِب بعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنَا } :

وفي الكلام محذوف ، وتقديره : فضرب فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا .

والانفجارُ : الانشقاق ، والأنبجاسُ أضيق منه ، لأنه يكون انبجاساً ثم يصير انفجاراً .

والعين من الأسماء المشتركة : فالعين من الماء مُشَبَّهَةٌ بالعين من الحيوان ، لخروج الماء منها ، كخروج الدمع من عين الحيوان .

فأمر موسى عند استسقائه ، أن يضرب بعصاه حجراً مُرَبَّعاً طُورِيّاً } من الطور { ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، من كل جانب ثلاثةُ أعينٍ .

{ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } يعني أن لكلِّ سبطٍ منهم عيناً ، قد عرفها لا يشرب من غيرها ، فإذا ارتحلوا انقطع ماؤه ، وحُمِلَ في الجوالق ، وكان بقدر الرأس .

{ وَلاَ تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ } فيه تأويلان :

أحدهما : معناه لا تطغوا ، وهذا قول ابن زيد .

والثاني : معناه لا تسعوا في الأرض مفسدين ، وهو قول ابن عباس ، وأبي العالية الرياحي .

والعيثُ : شدة الفساد ، ومنه قول رؤبة :

وَعَاثَ فِينَا مُسْتَحِلٌّ عَائِثُ

مُصَدِّقٌ أو فَاجِرٌ مُناكِثُ

﴿ ٦٠