٦٨

قوله عز وجل : { قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ } رَوَى الحسن عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، أنه قال : { والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوِ اعْتَرَضُوا بقرة ، فَذَبَحُوها ، لأَجْزَأَتْ عَنْهُم ، وَلكِنَّهُم ، شَدًّدوا ، فَشَدَّد اللّه عليهم }. { قَالَ : إِنَّه يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ } في الفارض تأويلان :

أحدهما : أنها الكبيرة الهَرِمَة ، وهو قول الجمهور . قال الراجز :

شيب أصداغي فرأسي أبْيضُ

محامل فيها رجال فرض

يعني بقوله : فُرّض ، أي هرمى .

والثاني : أنّ الفارض التي قد ولدت بطوناً كثيرة ، فيتسع لذلك جوفها ، لأن معنى الفارض في اللغة الواسع ، وهذا قول بعض المتأخرين ، واستشهد بقول الراجز :

يا رُبَّ ذي ضغن عليّ فارض

له قروء كقروء الحائض

والبكر : الصغيرة التي لم تحمل ، والبكر من إناث البهائم ، وبني آدم ، ما لم يفتحله الفحل ، وهي مكسورة الباء ، فأما البَكْر بفتح الباء ، فهو الفتي من الإبل .

وقوله تعالى : { عَوانٌ بَيْنَ ذلكَ } والعوان النَّصَفُ التي قد ولدت بطناً أو بطنين ، { بين ذلك } يعني بين الصغيرة والكبيرة ، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ، قال الشاعر :

فرحن عليه بين بِكرٍ عزيزة

وبين عَوانٍ كالغمامة ناصِفِ

قوله تعالى : { . . . قَالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ } حُكِيَ عن الحسن البصري ، أن المراد بقوله صفراء ، أي سوداء شديدة السواد ، كما تقول العرب : ناقة صفراء أي سوداء ، ومنه قول الشاعر :

تلك خيلي منه وتلك ركابي هُنّ صفر أولادها كالزبيب

وقال الراجز :

وصفرٍ ليست بمصفرّة

ولكنّ سوداءَ مثل الخُمُر

وقال سائر المفسرين : إنها صفراء اللون ، من الصفرة المعروفة ، وهو أصح ، لأنه الظاهر ، ولأنه قال : { فَاقِعٌ لَّوْنُهَا } والفاقع من صفات الصفرة ، وليس يوصف السواد بذلك ، وإنما يقال : أسود حالكٌ ، وأحمر قانٍ ، وأبيضُ ناصعٌ ، وأخضرُ ناضرٌ ، وأصفرُ فاقعٌ .

ثم فيما أُرِيدَ بالصفرة قولان :

أحدهما : صفراء القرن والظلف ، وهو قول سعيد بن جبير .

والثاني : صفراء اللون كله ، وهذا قول مجاهد .

﴿ ٦٨