٧٦

قوله تعالى : { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم اليهود ، إذا خلوا مع المنافقين ، قال لهم المنافقون : أتحدثون المسلمين ، بما فتح اللّه عليكم . والثاني : أنهم اليهود ، قال بعضهم لبعض : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّه عَلَيكُم } وفيه أربعة أقاويل :

أحدها : بما فتح اللّه عليكم ، أي مما أذكركم اللّه به ، رواه الضحاك عن ابن عباس .

والثاني : بما أنزل اللّه عليكم في التوراة ، من نبوة محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) وبعثه ، { ليُحَآجُّوكم بَهِ عِنْدَ رَبِّكُم } رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وهو قول أبي العالية وقتادة .

والثالث : أنهم أرادوا قول يهود بني قريظة ، حين شبههم النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، بأنهم إخوة القردة ، فقالوا : من حدثك بهذا ؟ وذلك حين أرسل إليهم ، علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه ، وهذا قول مجاهد .

والرابع : أن ناساً من اليهود أسلموا ، ثم نافقوا فكانوا يحدثون المسلمين من

العرب ، بما عُذِّبَ به { آباؤهم } ، فقال بعضهم لبعض ، أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم من العذاب ، وهذا قول السدي .

وفي { فتح اللّه } وجهان :

أحدهما : بما علمكم اللّه .

والثاني : بما قضاه اللّه ، والفتح عند العرب القضاء والحكم ، ومنه قول الشاعر :

ألا أبلغ بني عُصُم رسولاً

بأني عن فِتاحِكُم غنيُّ

ويُقَالُ للقاضي : الفتّاح ، ومنه

قوله تعالى : { رَبَّنَا افْتَح بَيْنَنَا وَبَينَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ } " [ الأعراف : ٨٩ ] .

قوله تعالى : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } ، فَحُذِفَ ذكُر الكتاب إيجازاً .

والثاني : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } فتظهر له الحُجَّة عليكم ، فيكونوا أولى باللّه منكم ، وهذا قول الحسن .

والثالث : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } يوم القيامة ، كما قال تعالى : { ثُمَّ إِنَّكُم يَومَ القيِامَةِ عِنْدَ رَبِّكُم تَخْتَصِمُونَ } " [ الزمر : ٣١ ] .

﴿ ٧٦