٧٨

قوله تعالى : { وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ } فيه قولان :

أحدهما : أن الأُمّي : الذي لا يكتب ولا يقرأ ، وهو قول مجاهد وأظهرُ تأويله .

والثاني : أنَّ الأُمّيين : قوم لم يصدقوا رسولاً أرسله اللّه ، ولا كتاباً أنزله اللّه ، وكتبوا كتاباً بأيديهم ، وقال الجهال لقومهم : هذا من عند اللّه ، وهذا قول ابن عباس .

وفي تسمية الذي لا يكتب بالأمي قولان :

أحدها : أنه مأخوذ من الأمة ، أي على أصل ما عليه الأمّة ، لأنه باق على خلقته من أنه لا يكتب ، ومنه قول الأعشى :

وإنّ معاويةَ الأكرمين

حسانُ الوجوه طوال الأمَمْ

والثاني : أنه مأخوذ من الأُم ، وفي أخذه من الأُم تأويلان :

أحدهما : أنه مأخوذ منها ، لأنه على ما ولدته أُمُّهُ من أنه لا يكتب .

والثاني : أنه نُسِبَ إلى أُمّهِ ، لأن الكتاب في الرجال دون النساء ، فنسب من لا يكتب من الرجال إلى أمه ، لجهلها بالكتاب دونه أبيه .

وفي قوله تعالى : { لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ } أربعة تأويلات :

أحدها : إِلاَّ أَمَانِيَّ : يعني : إلا كذباً ، قاله ابن عباس ومجاهد ، قال الشاعر :

ولكنما ذاك الذي كان منكما

أمانّي ما لاقت سماء ولا أرضا

والثاني : إِلاَّ أَمَانِيَّ ، يعني ، أنهم يَتَمَنَّونَ على اللّه ما ليس لهم ، قاله قتادة .

والثالث : إِلاَّ أَمَانِيَّ ، يعني [ إلا أماني يعني إلا تلاوة من غير فهم قاله الفراء والكسائي ومنه

قوله تعالى : { إلاَّ إذَا تَمَنَّى ألْقَى الشيْطَانُ في أمنيِّتِه } " [ سورة الحج : ٥٢ ] يعني ألقى الشيطانُ في أُمنيِّتِه ، وقال كعب بن مالك :

تمنّى كتاب اللّه أول ليلهِ وآخرَه لاقي حمام المقادر

والرابع : أنَّ الأَمَانِيَّ : التقدير ، حكاه ابن بحر وأنشد قول الشاعر :

ولا تقولَنْ لشيء سوف أفعله

حتى تَبَيّنَ ما يمني لك الماني

{ وإلا }: في هذا الموضع بمعنى { لكن } وهو عندهم من الاستثناء المنقطع

ومنه قوله تعالى : { مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنَّ } " [ النساء : ١٥٧ ] قال النابغة :

حلفت يميناً غير ذي مثنوية

ولا علم إلا حسن ظن بصاحب

{ وَإِنْ هُم إِلاَّ يَظُنُّونَ } فيه وجهان :

أحدهما : يكذبون ، قاله مجاهد .

والثاني : يحدثون ، قاله البصريون .

﴿ ٧٨