٨٧قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ } يعني التوراة . { وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ } والتَّقْفِيَةُ : الإتْباع ، ومعناه : وأَتْبَعْنَا ، يقال اسْتَقْفَيْتُهُ إِذَا جئت من خلفه ، وسميت قافية الشعر قافية لأنها خلفه . { وَءاتينا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ } وفيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أن البينات الحجج . والثاني : أنها الإنجيل . والثالث : وهو قول ابن عباس ، أن البينات التي أوتيها عيسى إحياء الموتى ، وخلقه من الطين كهيئة الطير ، فيكون طيراً بإذن اللّه ، وإبراء الأسْقَام . { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدْسِ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أن روح القدس الاسم الذي يحيي به عيسى الموتى ، وهذا قول ابن عباس . والثاني : أنه الإنجيل ، سماه روحاً ، كما سمى اللّه القرآن روحاً في قوله تعالى : { وَكَذلِكَ أَوحَينَا إِلَيكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا } . والثالث : وهو الأظهر ، أنه جبريل عليه السلام ، وهذا قول الحسن وقتادة ، والربيع ، والسدي ، والضحاك . واختلفوا في تسمية جبريل بروح القدس ، على ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه سُمِّيَ رُوحاً ، لأَنَّه بمنزلة الأرواح للأبدان ، يحيي بما يأتي به من البينات من اللّه عز وجل . والثاني : أنه سمي روحاً ، لأن الغالب على جسمه الروحانية ، لرقته ، وكذلك سائر الملائكة ، وإنما يختص به جبريل تشريفاً . والثالث : أنه سمي روحاً ، لأنه كان بتكوين اللّه تعالى له روحاً من عنده من غير ولادة . والقُدُس فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : هو اللّه تعالى ، ولذلك سُمِّي عيسى عليه السلام روح القدس ، لأن اللّه تعالى كوَّنه من غير أب ، وهذا قول الحسن والربيع وابن زيد . قال ابن زيد : القدس والقدوس واحد . والثاني : هو الظهر ، كأنه دل به على التطهر من الذنوب . والثالث : أن القدس البركة ، وهو قول السدي . |
﴿ ٨٧ ﴾