١١٦

قوله تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللّه وَلَداً } فيه قولان :

أحدهما : أنهم النصارى في قولهم : المسيح ابن اللّه .

والثاني : أنهم مشركو العرب في قولهم : الملائكة بنات اللّه .

{ سُبْحَانَهُ ، بَل لَّهُ مَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ } قوله : { سُبْحَانَهُ } تنزيهاً له من قولهم { اتَّخَذَ اللّه وَلَداً } .

قوله : { لَهُ مَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ } أي خالق ما في السموات والأرض .

{ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أي مطيعون ، وهذا قول قتادة ، والسدي ، ومجاهد .

والثاني : أي مقرون له بالعبودية ، وهو قول عكرمة .

والثالث : أي قائمون ، يعني يوم القيامة ، وهذا قول الربيع ، والقانت في اللغة القائم ، ومنه القنوت في الصلاة ، لأنه الدعاء في القيام .

قوله تعالى : { بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرْضِ } يعني منشئها على غير حد ولا مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه ، يقال له مبدع ، ولذلك قيل لمن خالف في الدين : مبتدع ، لإحداثه ما لم يسبق إليه { وَإِذَا قَضَى أَمْراً } أي أحكمه وحتمه ، وأصله الإحكام والفراغ ، ومنه قيل للحاكم قاض ، لفصله الأمور وإحكامه بين الخصوم ، وقيل للميت قد قَضَى أي فرغ من الدنيا ، قال أبو ذؤيب :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داود أو صنع السوابغ تُبّع

معنى قضاهما أي أحكمهما . وقال الشاعر في عمر بن الخطاب :

قضيت أموراً ثم غادرت بعدها

بوائج في أكمامها لم تفتق

﴿ ١١٦