٢١٦

قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } بمعنى فرض . وفي فرضه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه على أصحاب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

والثاني : أنه خطاب لكل أحد من الناس كلهم أبداً حتى يقوم به من فيه كفاية ، وهذا قول الفقهاء والعلماء .

والثالث : أنه فرض على كل مسلم في عينه أبداً ، وهذا قول سعيد بن المسيب .

ثم قال تعالى : { وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } والكرْهُ بالضم إدخال المشقة على النفس من غير إكراه أحد . والكَره بالفتح إدخال المشقة على النفس بإكراه غيره له . ثم فيه قولان :

أحدهما : أنه فيه حذفاً وتقديره : وهو ذو كره لكم وهذا قول الزجاج .

والثاني : معناه وهو مكروه لكم ، فأقام المقدّر مُقامه .

ثم في كونه كرهاً تأويلان :

أحدهما : وهو كره لكم قبل التعبد وأما بعده فلا .

الثاني : وهو كره لكم في الطباع قبل الفرض وبعده . وإنما يحتمل بالتعبد .

ثم قال تعالى : { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } وفي عسى ها هنا قولان :

أحدهما : أنه طمع المشفق مع دخول الشك .

والثاني : أنها بمعنى قد . وقال الأصم : { وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيئاً } من القتال { وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني في الدنيا بالظفر والغنيمة ، وفي الآخرة بالأجر والثواب ، { وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً } يعني من المتاركة والكف { وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ، يعني في الدنيا بالظهور عليكم وفي الآخرة بنقصان أجوركم .

{ وَاللّه يَعْلَمُ } ما فيه مصلحتكم { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

﴿ ٢١٦