٢٢١قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ } اختلفوا فيها على ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها في جميع المشركات الكتابيات وغير الكتابيات ، وأن حكمها غير منسوخ ، فلا يجوز لمسلم أن ينكح مشركة أبداً ، وذكر أن طلحة بن عبيد اللّه نكح يهودية ، ونكح حذيفة نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب غضباً شديداً ، حتى كاد يبطش بهما ، فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب ، فقال : لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ، ولكن ينزعن منكم صغرَةً قمأةً . والثاني : أنها نزلت مراداً بها مشركات العرب ، ومن دان دين أهل الكتاب ، وأنها ثابتة لم نسخ شيء منها ، وهذا قول قتادة ، وسعيد بن جبير . والثالث : أنها عامة في جميع المشركات ، وقد نسخ منهن الكتابيات ، بقوله تعالى في المائدة : { وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم } " وقد روى الصلت بن بهرام ، عن سفيان قال : تزوج حذيفة بن اليمان يهودية ، فكتب إليه عمر ابن الخطاب ، خلِّ سبيلها ، فكتب إليه أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ، ولكني أخاف أن تقاطعوا المؤمنات منهن ، والمراد بالنكاح التزويج ، وهو حقيقة في اللغة ، وإن كان مجازاً في الوطء ، قال الأعشى : ولا تقربن جارةً إنّ سِرّها عليك حرام فانكحن أو تأبّدا أي فتزوج أو تعفف . قوله تعالى : { وَلأَمَةٌ مُؤمِنَةُ خَيرٌ مِنَ مُشرِكَةٍ } يعني ولنكاح أمة مؤمنة ، خير من نكاح حرة مشركة من غير أهل الكتاب وإنْ شَرُف نسبها وكَرُم أصلها ، قال السدي : نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن رواحة ، كانت له أمة سوداء ، فلطمها في غضب ، ثم ندم ، فأتى النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فأخبره فقال : { ما هي يا عبد اللّه } قال : تصوم ، وتصلي ، وتحسن الوضوء ، وتشهد الشهادتين ، فقال رسول اللّه : { هَذِه مُؤمِنَةٌ }. فقال ابن رواحة : لأعتقنها ولأتزوجها ، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين ، فأنزل اللّه تعالى هذا . { وَلَو أَعجَبَتكُم } يعني جمال المشركة وحسبها ومالها . { وَلاَ تُنكِحُوا المُشرِكِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا } هذا على عمومه إجماعاً ، لا يجوز لمسلمة أن تنكح مشرك أبداً . روى الحسن عن جابر قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { نَتَزَوَّجُ نِسَاءَ أهْلِ الكِتَابِ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءَنَا } وفي هذا دليل على أن أولياء المرأة أحق بتزويجها من المرأة . |
﴿ ٢٢١ ﴾