٢٢٣

قوله تعالى : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ } أي مزدرع أولادكم ومحترث نسلكم ، وفي الحرث كناية عن النكاح ، { فَأتُوا حَرثَكُمْ } فانكحوا مزدرع أولادكم .

{ أَنَّى شِئتُمْ } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : يعني كيف شئتم في الأحوال ، روى عبد اللّه بن علي أن أناساً من أصحاب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، جلسوا يوماً ويهودي قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة ، ويقول الآخر إني لآتيها وهي قائمة ، ويقول الآخر : إني لآتيها وهي على جنبها ، ويقول الآخر إني لآتيها وهي باركة ، فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة ، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية وهذا قول عكرمة . والثاني : يعني من أي وجه أحببتم في قُبِلها ، أو من دُبْرِها في قُبلها .

روى جابر أن اليهود قالوا : إن العرب يأتون النساء من أعجازهن ، فإذا فعلوا ذلك جاء الولد أحول ، فَأَكْذَبَ اللّه حديثهم وقال : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ } ، وهذا قول ابن عباس ، والربيع .

والثالث : يعني من أين شئتم وهو قول سعيد بن المسيب وغيره .

والرابع : كيف شئتم أن تعزلوا أو لا تعزلوا ، وهذا قول سعيد بن المسيب .

والخامس : حيث شئتم من قُبُلٍ ، أو من دُبُرٍ ، رواه نافع ، عن ابن عمر وروى عن غيره .

وروى حبيش بن عبد اللّه الصنعاني ، عن ابن عباس أن ناساً من حِمْير أتوا النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) يسألونه عن أشياء ، فقال رجل منهم : يا رسول اللّه : إني رجل أحب النساء ، فكيف ترى في ذلك ؟ فأنزل اللّه تعالى في سورة البقرة بيان ما سألوا عنه ، فأنزل فيما سأل عنه الرجل : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ } ، فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { مُقْبِلةً وَمُدْبِرةً إِذا كان في الفرج }. { وَقَدمِوُاْ لأَنفُسِكم } الخير ، وهو قول السدي .

والثاني : وقدموا لأنفسكم ذكر اللّه عز وجل عند الجماع ، وهو قول ابن عباس .

﴿ ٢٢٣