٢٨٦قوله عز وجل : { لا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها } يعني طاقتها ، وفيه وجهان : أحدهما : وعدٌ من اللّه ورسوله وللمؤمنين بالتفصل على عباده ألا يكلف نفساً إلا وسعها . والثاني : أنه إخبار من النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ومن المؤمنين عن اللّه ، على وجه الثناء عليه ، بأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها . ثم قال : { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } يعني لها ما كسبت من الحسنات ، وعليها ما اكتسبت يعني من المعاصي . وفي كسبت واكتسبت وجهان : أحدهما : أن لفظهما مختلف ومعناهما واحد . والثاني : أن كسبت مستعمل في الخير خاصة ، واكتسبت مستعمل في الشر خاصّة . { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا } قال الحسن : معناه : قولوا ربنا لا تؤاخذنا . { إن نسينا } فيه تأويلان : أحدهما : يعني إن تناسينا أمرك . والثاني : تركنا ، والنسيان : بمعنى الترك ك قوله تعالى : { نسوا اللّه فنسيهم } [ التوبة : ٦٧ ] ، قاله قطرب . { أو أخظأنا } فيه تأويلان : أحدهما : ما تأولوه من المعاصي بالشبهات . والثاني : ما عمدوه من المعاصي التي هي خطأ تخالف الصواب . وقد فرَّقَ أهل اللسان بين " أخطأ " وخطيء ، فقالوا : " أخطأ " يكون على جهة الإثم وغير الإثم ، وخطىء : لا يكون إلا على جهة الإثم ، ومنه قول الشاعر : والناس يلحون الأمير إذا هم خطئوا الصواب ولا يُلام المرشد { ربنا ولا تحمل علينا إصراً } فيه أربعة تأويلات : أحدها : إصراً أي عهداً نعجز عن القيام به ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . الثاني : أي لا تمسخنا قردة وخنازير ، وهذا قول عطاء . الثالث : أنه الذنب الذي ليس فيه توبة ولا كفارة ، قاله ابن زيد . الرابع : الإصر : الثقل العظيم ، قاله مالك ، والربيع ، قال النابغة : يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرضوا { كما حملته على الذين من قبلنا } يعني بني إسرائيل فيما حملوه من قتل أنفسهم . { . . ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } فيه قولان : أحدهما : ما لا طاقة لنا به مما كلفه بنو إسرائيل . الثاني : ما لا طاقة لنا به من العذاب . { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا } فيه وجهان : أحدهما : مالكنا . الثاني : ولينا وناصرنا . { فانصرنا على القوم الكافرين } روى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : { آمن الرسول بما أنزلنا إليه من ربه } فلما انتهى إلى قوله تعالى : { غفرانك ربنا } قال اللّه تعالى : قد غفرت لكم ، فلما قرأ : { ربنا لا تؤخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال اللّه تعالى : لا أؤخذكم . فلما قرأ : { ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا } قال اللّه تعالى : لا أحمل عليكم . فلما قرأ : { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } قال اللّه تعالى : لا أحملكم . فلما قرأ : { واعف عنا } قال اللّه تعالى : قد عفوت عنكم . فلما قرأ : { واغفر لنا } قال اللّه تعالى : قد غفرت لكم . فلما قرأ : { وارحمنا } قال اللّه تعالى : قد رحمتكم . فلما قرأ : { فانصرنا على القوم الكافرين } قال اللّه تعالى : قد نصرتكم . وروى مرثد بن عبد اللّه عن عقبة بن عامر الجهني قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) يقول : " اقرؤوا هاتين الآيتين من خاتمة البقرة فإن اللّه تعالى أعطانيها من تحت العرش " . وروى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاطا القرآن ، فتعلموها فإن تعليمها بركة وتركها حسرة ، ولا يستطيعها البطلة قيل : ومن البطلة ؟ قال : السحرة " . |
﴿ ٢٨٦ ﴾