٧

قوله تعالى : { هُنَّ أُمُّ الْكِتَاِب } . ففيه وجهان :

أحدهما : أصل الكتاب .

والثاني : معلوم الكتاب .

وفيه تأويلان :

أحدهما : أنه أراد الآي التي فيها الفرائض والحدود ، قاله يحيى بن يعمر .

والثاني : أنه أراد فواتح السُّوَر التي يستخرج منها القرآن ، وهو قول أبي فاختة .

ويحتمل ثالثاً : أن يريد به أنه معقول المعاني لأنه يتفرع عنه ما شاركه في معناه ، فيصير الأصل لفروعه كالأم لحدوثها عنه ، فلذلك سماه أم الكتاب .

{ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } فيه تأويلان :

أحدهما : ميل عن الحق .

والثاني : شك ، قاله مجاهد .

{ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنه الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من الحروف المقطعة من حساب الجُمّل في انقضاء مدة النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

والثاني : أنه معرفة عواقب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته .

والثالث : أن ذلك نزل في وفد نجران لمَّا حاجّوا النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) في المسيح ، فقالوا : أليس كلمة اللّه وروحه ؟ قال : { بلى } فقالوا : حسبنا ، فأنزل اللّه تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وابْتَغَآءَ تَأْوِيلِهِ } وهو قول الربيع .

وفي قوله تعالى : { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } أربعة تأويلات :

أحدها : الشرك ، قاله السدي .

والثاني : اللّبْس ، قاله مجاهد .

الثالث : الشبهات التي حاجّ بها وفد نجران .

والرابع : إفساد ذات البَيْن .

{ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } في التأويل وجهان :

أحدهما : أنه التفسير .

والثاني : أنه العاقبة المنتظرة .

{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّه } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : تأويل جميع المتشابه ، لأن فيه ما يعلمه الناس ، وفيه ما لا يعلمه إلا اللّه ، قاله الحسن .

والثاني : أن تأويله يوم القيامة لما فيه من الوعد والوعيد ، كما قال اللّه تعالى : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَومَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } " [ الأعراف : ٥٣ ] يعني يوم القيامة ، قاله ابن عباس .

والثالث : تأويله وقت حلوله ، قاله بعض المتأخرين .

{ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني الثابتين فيه ، العاملين به .

والثاني : يعني المستنبطين للعلم والعاملين ، وفيهم وجهان :

أحدهما : أنهم داخلون في الاستثناء ، وتقديره : أن الذي يعلم تأويله اللّه والراسخون في العلم جميعاً .

روى ابن أبي نجيح عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله .

الثاني : أنهم خارجون من الاستثناء ، ويكون معنى الكلام : ما يعلم تأويله إلا اللّه وحده ، ثم استأنف فقال : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } .

{ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا } يحتمل وجهين :

أحدهما : علم ذلك عند ربنا .

والثاني : ما فصله من المحكم والمتشابه ، فنزل من عند ربنا .

﴿ ٧