١٤

قوله عز وجل : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } معنى زين : أي حُسِّن حب الشهوات ، والشهوة من خَلْق اللّه في الإنسان ، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها .

وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه الشيطان ، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من اللّه تعالى الذي خَلَقَها ، قاله الحسن .

الثاني : تأويل أن اللّه زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا } " [ الكهف : ٧ ] ، قاله الزجاج .

والثالث : أن اللّه زين من حبها ما حَسُن ، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح .

{ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل :

أحدها : أنه ألف ومائتا أوقية ، وهو قول معاذ بن جبل ، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا أُوقِيَّةٍ }. والثاني : أنه ألف ومائتا دينار ، وهو قول الضحاك ، والحسن ، وقد رواه الحسن عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

والثالث : أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار ، وهو قول ابن عباس .

والرابع : أنه ثمانون ألفاً من الدراهم ، أو مائة رطل من الذهب ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وقتادة .

والخامس : أنه سبعون ألفاً ، قاله ابن عمر ، ومجاهد .

والسادس : أنه ملء مسك ثور ذهباً ، قاله أبو نضرة .

والسابع : أنه المال الكثير ، وهو قول الربيع .

وفي { المُقَنْطَرَةِ } خمسة أقاويل :

أحدها : أنها المضاعفة ، وهو قول قتادة .

والثاني : أنها الكاملة المجتمعة .

والثالث : هي تسعة قناطير ، قاله الفراء .

والرابع : هي المضروبة دراهم أو دنانير ، وهو قول السدي .

والخامس : أنها المجعولة كذلك ، كقولهم دراهم مدرهمة .

ويحتمل وجهاً سادساً : أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي ، إما لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة ، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة ، والقناطير

مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة .

{ وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ } فيها خمسة تأويلات :

أحدها : أنها الراعية ، قاله سعيد بن جبير ، والربيع ، ومنه

قوله تعالى : { وفيه تسيمون } أي ترعون .

والثاني : أن المسومة الحسنة ، قاله مجاهد ، وعكرمة ، والسدي .

والثالث : أنها المعلَّمة ، قاله ابن عباس ، وقتادة .

والرابع : أنها المعدة للجهاد ، قاله ابن زيد .

والخامس : أنها من السيما مقصورة وممدود ، قاله الحسن ، قال الشاعر :

غلامٌ رماه اللّه بالحُسْن يافعاً

له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر

{ والأنْعَامِ } هي الإِبل ، والبقر ، والغنم من الضأن والمعز ، ولا يقال النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة .

{ والْحَرْثِ } هو الزرع .

ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يريد أرض الحرث لأنها أصل ، ويكون الحرث بمعنى المحروث .

﴿ ١٤