١٠١

قوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُم فِي الأَرْضِ } أي سرتم ، لأنه يضرب الأرض

برجله في سيره كضربه بيده ، ولذلك سُمِّيَ السفر في الأرض ضَرْباً .

{ فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } اختلف في هذا القصر المشروط بالخوف على قولين :

أحدهما : أنه قَصَرَ أركانها إذا خاف ، مع استيفاء أعدادها فيصلي عند المسايفة والتحام القتال كيف أمكنه قائماً وقاعداً ومومياً ، وهي مثل قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فِرجَالاً أَوْ رُكْبَاناً } " [ البقرة : ٢٣٩ ] وهذا قول ابن عباس .

والثاني : أنه قصر أعدادها من أربع إلى ما دونها ، وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين ، فإن كان آمناً مقيماً لم يقصر ، وهذا قول سعد بن أبي وقاص ، وداود بن علي .

والثاني : أنه قَصْران ، فقصر الأمَنْ ، من الأربع إلى ركعتين ، وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة ، وهذا قول جابر بن عبد اللّه والحسن . وقد روى مجاهد عن ابن عباس قال : فرض اللّه عز وجل على لسان نبيكم ( صلى اللّه عليه وسلم ) في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة .

والثالث : أنه يقصر في سفر خائفاً وآمناً من أربع إلى ركعتين لا غير .

روي عن أبي أيوب عن علي عليه السلام قال : سأل قوم من التجار رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قالوا : يا رسول إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل اللّه تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلاَةِ } ثم انقطع الوحي ، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فصلى الظهر ، فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلاّ شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهم أُخرى مثلها في أثرها ، فأنزل اللّه تعالى بين الصلاتين { إِن خِفْتُم أَن يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُم عَدُوّاً مُبِيْناً } إلى قوله : { عَذَاباً مُّهِيناً } فنزلت صلاة الخوف .

﴿ ١٠١