١٠٢قوله تعالى : { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِم فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ } وهذا خطاب للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن يصلي في الخوف بأصحابه . واختلف أهل العلم فيه هل خص به النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ؟ على قولين : أحدهما : أنه خاص له وليس لغيره من أمته أن يصلي في الخوف كصلاته ، لأن المشركين عزموا على الإيقاع بالمسلمين إذا اشتغلوا بصلاتهم ، فاطلع اللّه نبيه على سرائرهم وأمره بالتحرز منهم ، فكان ذلك سبب إسلام خالد بن الوليد ، فلذلك صار هذا خاصاً للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، وهذا القول محكي عن أبي يوسف . والقول الثاني : أن ذلك عام للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ولغيره من أمته إذا كان على مثل حاله في خوفه ، لأن ذكر السبب الذي هو الخوف يوجب حمله عليه متى وجد كما فعل الصحابة بعده حين خافوا وهو قول الجمهور . وقوله تعالى : { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ } يعني مع النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) في الصلاة ، وطائفة بإزاء العدو . ثم قال تعالى : { وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ } فيه قولان : أحدهما : أن المأمورين بأخذ السلاح هم الذين مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، وهذا قول الشافعي . والثاني : هم الذين بإزاء العدو يحرسون ، وهذا قول ابن عباس . ثم قال تعالى : { فَإِذَا سَجَدُواْ } يعني فإذا سجدت الطائفة التي معك في الصلاة . { فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ } يعني بإزاء العدو . واختلفوا في قوله تعالى : { مِن وَرَآئِكُمْ } هل ذلك بعد فراغهم من الصلاة وتمامها بالركعة التي أدركوها معه ؟ على قولين : أحدهما : قد تمت بالركعة حتى يصلوا معها بعد فراغ الإمام ركعة أخرى ، وهذا قول من أوجب عليه الخوف ركعتين . ومن قال بهذا اختلفوا هل يتمون الركعة الباقية عليهم قبل وقوفهم بإزاء العدو أو بعده ؟ على قولين : أحدهما : قبل وقوفهم بإزاء العدو ، وهو قول الشافعي . والثاني : بعده وهو قول أبي حنيفة . ثم قال تعالى : { وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَك } يريد الطائفة التي بإزاء العدو تأتي فتصلي مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) الركعة التي بقيت عليه ، وتمضي الطائفة التي صلّت فتقف موضعها بإزاء العدو . وإذا صلت مع النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) الركعة الباقية عليه ففيه قولان : أحدهما : أن ذلك فرضها وتسلم بسلامه ، وهذا قول من جعل فرضه في الخوف ركعة . والقول الثاني : أن عليها ركعة أخرى ، وهذا قول من جعل فرضه في الخوف ركعتين كالأمن ، فعلى هذا متى تفارقه ؟ فعلى قولين : أحدهما : قبل تشهده . والثاني : بعده ، وقد روى القولين معاً سهل بن أبي حَثمة عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) . وهل تتم ركعتها الباقية وقوفها بإزاء العدو ؟ على قولين : أحدهما : تتمها قبل الوقوف بإزائه ، وهو قول الشافعي . والثاني : تقف بإزائه قبل إتمامها حتى إذا أتمت الطائفة الأولى ركعتها عادت فوقفت بإزاء العدو ، ثم خرجت هذه فأتمت ركعتها ، وهذا قول أبي حنيفة . وهذه الصلاة هي نحو صلاة النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) بذات الرقاع . |
﴿ ١٠٢ ﴾