٢٧قوله تعالى : { وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ } فيهما قولان : أحدهما : أنهما من بني إسرائيل ، وهذا قول الحسن . والثاني : أنهما ابنا آدم لصلبه ، وهما هابيل وقابيل ، وهو قول ابن عباس ، وابن عمر ، ومجاهد ، وقتادة . { إِذْ قَرَّبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } والقربان : هو البر الذي يقصد من رحمة اللّه ، وهو فعلان من القرب . واختلف فى السبب الذي قربا لأجله قرباناً على قولين : أحدهما : أنهما فعلاه لغير سبب . والثاني : وهو أشهر القولين أن ذلك لسبب ، وهو أن حواء كانت تضع في كل عام غلاماً وجارية ، فكان الغلام يتزوج من أحد البطنين بالجارية من البطن الآخر ، وكان لكل واحد من ابني آدم هابيل وقابيل توأمة ، فأراد هابيل أن يتزوج بتوأمة قابيل فمنعه ، وقال أنا أحق بها منك . واختلف فى سبب منعه على قولين : أحدهما : أن قابيل قال لهابيل أنا أحق بتوأمتي منك ، لأننا من ولادة الجنة وأنت من ولادة الأرض . الثاني : أنه منعه منها لأن توأمته كانت أحسن من هابيل ومن توأمته ، فقربا قرباناً وكان قابيل حراثاً ، وهابيل راعياً ، فقرب هابيل سخلة سمينة من خيار ماله ، وقرب قابيل حزمة سنبل من شر ماله ، فنزلت نار بيضاء فرفعت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، وكان ذلك علامة القبول ولم يكن فيهم مسكين يتقرب بالصدقة عليه وإنما كانت قُرَبُهُم هكذا . قال أبو جعفر الطبري : وكانت سخلة هابيل المقبولة ترعى فى الجنة حتى فَدَى اللّه تعالى بها إٍحاق بن إبراهيم الذبيح . واختلف في سبب قبول قربان هابيل على وجهين : أحدهما : لأنه كان أتقى للّه من قابيل لقوله : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّه مِنَ الْمُتَّقِينَ } ، والتقوى ها هنا الصلاة ، على ما ذكره المفسرون . الثاني : لأن هابيل تقرب بخيار ماله فَتُقُبِّل منه ، وقابيل تقرب بشر ماله ، فلم يُتَقَبَّل منه ، وهذا قول بعد اللّه بن عمر ، وأكثر المفسرون . واختلف في قربانهما هل كان بأمر آدم ، أو من قبل أنفسهما على قولين : أحدهما : أنهما قربا بأمر آدم حين اختصما إليه . والثاني : أنهما قربا من قِبَل أنفسهما . وكان آدم قد توجه إلى مكة ، ليراها ويزور البيت بها عن أمر به ، وكان قد عرض الأمانة في حفظ أهله على السموات فأبت ، فعرضها على الأرض فأبت ، فعرضها على الجبال فأبت ، فعرضها على قابيل فقبلها ، ثم توجه وعاد فوجد قابيل قد قتل هابيل وشربت الأرض دمه ، فبكى ولعن الأرض لشربها دمه ، فأنبتت الشوك ، ولم تشرب بعده دماً . روى غياث بن إبراهيم عن أبي إسحاق الهمداني عن علي قال : لما قتل قابيل بن آدم هابيل أخاه بكاه آدم عليه السلام فقال : تَغَيَّرَتِ البِلادُ ومَنْ عليها فوَجْهُ الأرْضِ مُغْبَرٌ قبيحٌ تَغَيَّرَ كلُّ ذِي لَوْنٍ وقَلَّ بَشَاشَةُ الوَجْهِ المَلِيحْ قال فأجيب آدم : أبا هابيل قد قُتِلا جَمِيعاً وصارَ الحَيُّ كالمَيِّتِ الذَّبِيحْ وجَاءَ بِشَرِّ ما قَدْ كانَ منه على خَوْفٍ فَجَاءَ بها تَصِيحْ واختلف في قابيل هل كان عند قتل أخيه كافراً أو فاسقاً ؟ فقال قوم كان كافراً ، وقال آخرون بل كان رجل سوء فاسقاً . قال ابن جريج : لم يزل بنو آدم فى نكاح الأخوات حتى مضي أربعة آباء ، فنكح ابنة عمه وذهب نكاح الأخوات . |
﴿ ٢٧ ﴾