٤٢

قوله تعالى : { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } فيه أربعة تأويلات .

أحدهما : أن السحت الرشوة ، وهو مروي عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

والثاني : أنه الرشوة فى الحكم ، وهو قول علي .

والثالث : هو الاستعجال فى القضية ، وهو قول أبي هريرة . والرابع : ما فيه الغارّ من الأثمان المحرمة : كثمن الكلب ، والخنزير ، والخمر وعسب افحل ، وحلوان الكاهن .

وأصل السحت الاستئصال ، ومنه

قوله تعالى : { فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ } أي يستأصلكم ، وقال الفرزدق :

وعض زمان يا ابن مروان لم يدع

من المال إلا مسحتاً أو مجلف

فسمي سحتاً لأنه يسحت الدين والمروءة .

{ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } فيمن أريد بذلك قولان :

أحدهما : اليهوديان اللذان زنيا خيّر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن يحكم بينهما بالرجم أو يدع ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، والزهري .

والثاني : أنها في نفسين من بني قريظة وبني النضير قتل أحدهما صاحبه فخّير رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عند احتكامهما إليه بين أن يحكم بالقود أو يدع ، وهذا قول قتادة .

واختلفوا في التخيير في الحكم بينهم ، هل هو ثابت أو منسوخ ؟ على قولين : أحدهما : أنه ثابت وأن كل حاكم من حكام المسلمين مخير فى الحكم بين أهل الذمة بين أن يحكم أو يدع ، وهذا قول الشعبي ، وقتادة ، وعطاء ، وإبراهيم .

والقول الثاني : أن ذلك منسوخ ، وأن الحكم بينهم واجب على من تحاكموا إليه من حكام المسلمين ، وهذا قول ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعمر بن عبد العزيز ، وعكرمة ، وقد نسخه

قوله تعالى : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّه }

﴿ ٤٢