٤٤

قوله تعالى : { إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ } يعني بالهدى ادليل . وبالنور البيان .

{ يَحْكُمْ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم جماعة أنبياء منهم محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

والثاني : المراد نبينا محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) وحده وإن ذكر بلفظ الجمع .

وفي الذي يحكم به من التوراة قولان :

أحدهما : أنه أراد رجم الزاني المحصن ، والقود من القاتل العامد .

والقول الثاني : أنه الحكم بجميع ما فيها من غير تخصيص ما لم يرد به نسخ .

ثم قال تعالى : { لِلَّذِينَ هَادُوا } يعني على الذين هادوا ، وهم اليهود ، وفي جواز الحكم بها على غير وجهان : على اختلافهم فى التزامنا شرائع من قبلنا إذا لم يرد به نص ينسخ .

ثم قال تعالى : { وَالرَّبَانُّيِونَ والأَحْبَارُ } واحد الأحبار حَبْر بالفتح ، قال الفراء ، أكثر ما سمعت حِبْر بالكسر ، وهو العالم ، سُمِّي بذلك اشتقاقاً من التحبير ، وهو التحسين لأن العالم يحسن الحسن ويقبح القبيح ، ويحتمل أن يكون ذلك لأن العلم فى نفسه حسن .

ثم قال تعالى : { بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّه } فيه قولان : أحدهما : معناه يحكمون بما استحفظوا من كتاب اللّه .

والثاني : معناه والعلماء استحفظوا من كتاب اللّه .

وفي { اسْتُحْفِظُواْ } تأويلان :

أحدهما : استودعوا ، وهو قول الأخفش .

والثاني : العلم بما حفظوا ، وهو قول الكلبي .

{ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَآءَ } يعني على حكم النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه في التوراة .

{ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ } فيه قولان :

أحدهما : فلا تخشوهم فى كتمان ما أنزلت ، وهذا قول السدي .

والثاني : في الحكم بما أنزلت .

{ وَلاَ تَشْتَرُوا بِأَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } فيه تأويلان :

أحدهما : معناه لا تأخذوا على كتمانها أجراً .

والثاني : معناه لا تأخذوا على تعليمها أجراً .

{ وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَآ أَنْزَلَ اللّه فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ، ثم قال تعالى : { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْظَّالِمُونَ } ، ثم قال تعالى : { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } وفي اختلاف هذه الآي الثلاث أربعة أقاويل :

أحدها : أنها واردة في اليهود دون المسلمين ، وهذا قول ابن مسعود ، وحذيفة ، والبراء ، وعكرمة .

الثاني : أنها نزلت في أهل الكتاب ، وحكمها عام في جميع الناس ، وهذا قول الحسن ، وإبراهيم .

والثالث : أنه أراد بالكافرين أهل الإِسلام ، وبالظالمين اليهود ، وبالفاسقين النصارى ، وهذا قول الشعبي .

والرابع : أن من لم يحكم بما أنزل اللّه جاحداً به ، فهو كافر ، ومن لم يحكم مقراً به فهو ظالم فاسق ، وهذا قول ابن عباس .

﴿ ٤٤