٦٧قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } أوجب اللّه تعالى بهذه الآية على رسوله تبليغ ما أنزل عليه من كتابه سواء كان حكماً ، أو حداً ، أو قصاصاً ، فأما تبليغ غيره من الوحي فتخصيص وجوبه : بما يتعلق بالأحكام دون غيرها . ثم قال تعالى : { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك فما بلغت رسالته لأنه [ يكون ] ، غير ممتثل لجميع الأمر . ويحتمل وجهين آخرين . أحدهما : أن يكون معناه بلغ ما انزل إليك من ربك فيما وعدك من النصر ، فإن لم تفعل فما بلغت حق رسالته فيما كلفك من الأمر ، لأن استشعار النصر يبعث على امتثال الأمر . والثاني : أن يكون معناه بلغ ما أنزل إليك من ربك بلاغاً يوجب الانقياد إليه بالجهاد عليه ، وإن لم تفعل ما يقود إليه من الجهاد عليه فما بلغت ما عليك من حق الرسالة إليك . { وَاللّه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } يعني أن ينالوك بسوء من قتل أو غيره . واختلف أهل التفسير في سبب نزول ذلك على قولين : أحدهما : أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) نزل منزلاً في سفره واستظل بشجرة يقيل تحتها ، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال : من يمنعك مني ؟ فقال : اللّه ، فرعدت يد الأعرابي وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه ، فأنزل اللّه تعالى : { وَاللّه يَعْصِمُكَ مَنَ النَّاسِ } ، قاله محمد بن كعب القرظي . والثاني : أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) كان يهاب قريشاً ، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ، قاله ابن جريج . وروت عائشة أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) كان يُحْرَس حتى نزلت هذه الآية { وَاللّه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } فأخرج النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) رأسه من القبة وقال : يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني اللّه . { إِنَّ اللّه لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } فيه تأويلان : أحدهما : لا يعينهم على بلوغ غرضهم . الثاني : لا يهديهم إلى الجنة . |
﴿ ٦٧ ﴾