سورة الأنعام١الحمد للّه الذي . . . . . قوله عز وجل : { الْحَمْدُ للّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ . . . } الآية قال وهب بن منبه : فاتحة التوارة فاتحة الأنعام إلى قوله : { يَعْدِلُونَ } ، وخاتمة التوراة خاتمة هود . وقوله : { الْحَمْدُ للّه } جاء على صيغة الخبر وفيه معنى الأمر ، وذلك أولى من أن يجيء بلفظ الأمر فيقول احْمِدِ اللّه ، لأمرين : أحدهما : أنه يتضمن تعليم اللفظ والمعنى ، وفي الأمر المعنى دون اللفظ . والثاني : أن البرهان إنما يشهد بمعنى الخبر دون الأمر . { الَّذِي خَلَقَ السَمَوَاتِ والأرضَ } لأن خلق السموات والأرض نِعَمٌ تستوجب الحمد ، لأن الأرض تقل ، والسماء تظل ، وهي من أوائل نعمه على خلقه ، ولذلك استحمد بخلقها وأضاف خلقها إلى نفسه عند حمده ، على أن مستحق الحمد هو خالق السموات والأرض ، ليكون باستحقاق الحمد منفرداً لانفراده بخلق السموات والأرض . وفي جمع السموات وتوحيد الأرض وجهان : أحدهما : لأن السموات أشرف من الأرض ، والجمع أبلغ في التفخيم من الوحيد ك قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلَنَا الذِّكْرَ } " [ الحجر : ٩ ] . والثاني : لأن أوامره إلى الأرض تخترق جميع السماوات السبع . وفي تقديم السموات على الأرض وجهان : أحدهما : لتقدم خلقها على الأرض . والثاني : لشرفها فقدمها على ذكر الأرض وإن كانت مخلوقة بعد الأرض . وهذان الوجهان من اختلاف العلماء أيهما خُلِقَ أولاً . { وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } يعني وخلق ، فغاير بين اللفظ ليكون أحسن في النظم ، والمراد بالظلمات والنور هنا ثلاثة أوجه : أحدها : وهو المشهور من قول قتادة ، قدم الظلمة على النور لأنه قدم خلق الظلمة على خلق النور ، وجمع الظلمات ووحد النور لأن الظلمات أعم من النور . والثاني : أن الظلمات : الليل ، والنور : النهار . والثالث : أن الظلمات : الكفر ، والنور : الإِيمان ، قاله السدي . ولأصحاب الخواطر ، فيه ثلاثة أوجه أُخَر : أحدها : أن الظلمات : الأجسام ، والنور : الأرواح . الثاني : أن الظلمات : أعمال الأبدان ، والنور : ضمائر القلوب . والثالث : أن الظلمات : الجهل ، والنور : العلم . { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } أي يجعلون له مع هذه النَّعَمْ عِدْلاً ، يعني مثلاً . وفيه قولان : أحدهما : أنهم يعدلون به الأصنام التي يعبدونها . والثاني : أنهم يعدلون به إلهاً غيره لم يُخْلَق مثل خلقه . |
﴿ ١ ﴾