٨٨

قال الملأ الذين . . . . .

قوله عز وجل : { قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّه كَذِباً إنْ عُدنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إذْ نَجّانَا اللّه مِنْهَا } والفرق بين الملة والدين أن الملة ما شرعه اللّه ، والدين ما اعتقده الناس تقرباً إلى اللّه ، فصار كل دين ملة وليس كل ملة ديناً .

فإن قيل : فالعود إلى الشيء الرجوع إليه بعد الخروج منه فهل كان شعيب على ملة قومه من الكفر حتى يقول : { إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم } .

في الجواب عنه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن هذه حكاية عمن اتبع شعيباً من قومه الذين كانوا قبل اتباعه على ملة الكفر .

الثاني : أنه قال ذلك على التوهم أنه لو كان عليها لم يعد إليها .

والثالث : أنه يطلق ذكر العَود على المبتدىء بالفعل وإن لم يسبق منه فعل مثله سن قولهم : قد عاد عليّ من فلان مكروه وإن لم يسبقه بمثله كقول الشاعر :

لَئِن كَانَت الأَيَّامُ أَحْسَنَّ مَرَّةً

إِلَيَّ فَقَدْ عَادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ

أَتَى دَونَ حُلْوِ الْعَيْشِ شَيْءٌ أُمِرُّهُ

كُرُوبٌ عَلَى آثَارِهِنّ كُرُوبُ

﴿ ٨٨