٨٩

ثم قال : { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّه رَبُّنَا } فيه قولان :

أحدهما : أن نعود في القرية إلاّ أن يشاء اللّه ، قاله بعض المتكلمين .

والثاني : وهو قول الجمهور أن نعود في ملة الكفر وعبادة الأوثان .

فإن قيل فاللّه تعالى لا يشاء عبادة الأوثان فما وجه هذا القول من شعيب ؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه قد كان في ملتهم ما يجوز التعبد به .

والثاني : أنه لو شاء عبادة الوثن لكانت عبادته طاعة لأنه شاءه كتعبده بتعظيم الحجر الأسود .

والثالث : أن هذا القول من شعيب علىالتعبيد والامتناع ك

قوله تعالى : { حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ } " [ الأعراف : ٤٠ ] وكقولهم : حتى يشيب الغراب .

ثم قال : { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَومِنَا بِالْحَقِّ وََأَنتَ خَيرُ الْفَاتِحِينَ } فيه وجهان :

أحدهما : اكشف بيننا وبين قومنا ، قاله قتادة .

والثاني : احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين . وذكر الفراء ، أن أهل عُمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح . وقال غيره : إنه لغة مراد ، قال الشاعر :

أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي عُصَمَ رَسُولاً

بِأَنِّي عَنْ فَتَّاحِكُمُ غَنِي

وقد قال ابن عباس : كنت لا أدري ما قوله : { رَبَّنَا افتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ } حتى سمعت بنت ذي يزن تقول : تعالَيْ أفاتحك ، يعني أقاضيك .

وقيل : إنه سمي بذلك لأنه يفتح باب العلم الذي قد انغلق على غيره .

فإن قيل : فما معنى قوله { بِالْحَقِّ } ومعلوم أن اللّه لا يحكم إلا بالحق ؟ .

ففي الجواب عنه أربعة أوجه :

 أحدها : أنه قال ذلك صفة لحكمه لا طلباً له .

والثاني : أنه سأل اللّه أن يكشف لمخالفه من قومه أنه على حق .

والثالث : أن معناه احكم بيننا الذي هو الحق ، قاله ابن بحر .

والرابع : احكم في الدنيا بنصر الحق ، قاله السدي .

﴿ ٨٩