٢ثم قال تعالى { فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } وهذا أمان . وفي قوله { فَسِيُحواْ فِي الأَرْضِ } وجهان : أحدهما : انصرفوا فيها إلى معايشكم . والثاني : سافروا فيها حيث أردتم . وفي السياحة وجهان : أحدهما : أنها السير على مهل . والثاني : أنها البعد على وجل . واختلفوا فيمن جعل له أمان هذه الأربعة الأشهر على أربعة أقاويل : أحدها : أن اللّه تعالى جعلها أجلاً لمن كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قد أمنه أقل من أربعة أشهر ولمن كان أجل أمانه غير محدود ثم هو بعد الأربعة حرب ، فأما من لا أمان له فهو حرب ، قاله ابن إٍسحاق . والثاني : أن الأربعة الأشهر أمان أصحاب العهد من كان عهده أكثر منها حط إليها ، ومن كان عهده أقل منها إليها ، ومن لم يكن له من رسول اللّه عهد جعل له أمان خمسين ليلة من يوم النحر إلى سلخ المحرم لقوله تعالى { فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } قاله ابن عباس والضحاك وقتادة . والثالث : أن الأربعة الأشهر عهد المشركين كافة ، المعاهد منهم وغير المعاهد ، قاله الزهري ومحمد بن كعب ومجاهد . والرابع : أن الأربعة ألاشهر عهد وأمان لمن لم يكن له من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عهد ولا أمان ، أما أصحاب العهود فهم على عهودهم إلى انقضاء مددهم ، قاله الكلبي . واختلفوا في أول مَدَى الأربعة الأشهر على ثلاثة أقاويل : أحدها : أن أولها يوم يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر ، وآخرها انقضاء العاشر من شهر ربيع الآخر ، قاله محمد بن كعب ومجاهد والسدي . والثاني : أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، قاله الزهري . والثالث : أن أولها يوم العشرين من ذي القعدة ، وآخرها يوم العشرين من شهر ربيع الأول ، لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك اليوم ثم صار في السنة الثانية في العشر من ذي الحجة وفيها حجة الوداع ، لأجل ما كانوا عليه في الجاهلية من النسىء ، فأقره النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فيه حتى نزل تحريم النسىء وقال : { إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللّه السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ } { وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّه } أي لا تعجزونه هرباً ولا تفوتونه طلباً . { وَأَنَّ اللّه مُخْزِي الكَافِرِينَ } يحتمل وجهين : أحدهما : بالسيف لمن حارب والجزية لمن استأمن . والثاني : في الآخرة بالنار . |
﴿ ٢ ﴾