٢

قوله عز وجل : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنآ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ } قال ابن عباس : سبب نزولها أن اللّه تعالى لما بعث محمداً ( صلى اللّه عليه وسلم ) رسولاً أنكر العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا : اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد ، فنزلت هذه الآية .

وهذا لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الإنكار والتعجب مَن كفر من كفر بالنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) لأنه جاءهم رسول منهم ، وقد أرسل اللّه إلى سائر الأمم رسلاً منهم .

ثم قال : { وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَآمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِهِّم } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : أن لهم ثواباً حسناً بما قدموا من صالح الأعمال ، قاله ابن عباس .

الثاني : سابق صدق عند ربهم أي سبقت لهم السعادة في الذكر الأول ، قاله ابن أبي طلحة عن ابن عباس أيضاً .

الثالث : أن لهم شفيع صدق يعني محمداً ( صلى اللّه عليه وسلم ) يشفع لهم ، قاله مقاتل بن حيان .

الرابع : أن لهم سلف صدق تقدموهم بالإيمان ، قاله مجاهد وقتادة .

والخامس : أن لهم السابقة بإخلاص الطاعة ، قال حسان بن ثابت :

لنا القدم العُلْيَا إليكَ خَلْفَنَا

لأَوَّلنا في طَاعَةِ اللّه تابعُ

ويحتمل سادساً : أن قدم الصدق أن يوافق الطاعة صدق الجزاء ، ويكون القدم عبارة عن التقدم ، والصدق عبارة عن الحق .

﴿ ٢