٥٣

وما أبرئ نفسي . . . . .

قوله عز وجل : { وما أبرىء نفسي } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه قول العزيز أي وما أبرىء نفسي من سوء الظن بيوسف .

{ إنَّ النفس لأمارة بالسوء } يحتمل وجهين :

أحدهما : الأمارة بسوء الظن .

الثاني : بالاتهام عند الارتياب .

{ إلا ما رحم ربي } يحتمل وجهين :

أحدهما : إلاَّ ما رحم ربي إن كفاه سوء الظن .

الثاني : أن يثنيه حتى لا يعمل . فهذا تأويل من زعم أنه قول العزيز .

الوجه الثاني : أنه قول امرأة العزيز وما أبرىء نفسي إن كنت راودت يوسف عن نفسه لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة عليها .

{ إلا ما رحم ربي } يحتمل وجهين :

أحدهما : إلا ما رحم ربي من نزع شهوته منه .

الثاني : إلا ما رحم ربي في قهره لشهوة نفسه ، فهذا تأويل من زعم أنه من قول امرأة العزيز .

الوجه الثاني : أنه من قول يوسف ، واختلف قائلو هذا في سببه على أربعة أقاويل :

أحدها : أن يوسف لما قال { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } قالت امرأة العزيز : ولا حين حللت السراويل ؟ فقال : وما أبريء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء ، قاله السدي .

الثاني : أن يوسف لما قال ذلك غمزه جبريل عليه السلام فقال : ولا حين هممت ؟ فقال { وما أُبريء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء } قاله ابن عباس .

الثالث : أن الملك الذي مع يوسف قال له : اذكر ما هممت به ، فقال : { وما أبرىء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء } قاله قتادة .

الرابع : أن يوسف لما قال { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } كره نبي اللّه أن يكون قد زكى نفسه فقال { وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء } قاله الحسن .

ويحتمل قوله { لأمارة بالسوء } وجهين :

أحدهما : يعني أنها مائلة إلى الهوى بالأمر بالسوء .

الثاني : أنها تستثقل من عزائم الأمور ما إن لم يصادف حزماً أفضت إلى السوء .

﴿ ٥٣