٣١

قوله عز وجل : { ولو أن قرآناً سُيِّرت به الجبال أو قطعت به الأرض } الآية . وسبب ذلك ما حكاه مجاهد وقتادة أن كفار قريش قالوا للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : إن يسرَّك أن نتبعك فسيِّرْ جبالنا حتى تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة ، وقرب لنا الشام فإننا نتَّجر إليها ، وأخرج لنا الموتى من القبور نكلمها ، فأنزل اللّه تعالى . { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } أي أُخرت . { أو قطعت به الأرض } أي قربت .

{ أو كُلِّم به الموْتَى } أي أُحيوا .

وجواب هذا محذوف وتقديره لكان هذا القرآن ، لكنه حذف إيجازاً لما في ظاهر الكلام من الدلالة على المضمر المحذوف .

ثم قال تعالى : { بل للّه الأمر جميعاً } أي هو المالك لجميع الأمور الفاعل لما يشاء منها .

{ أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعاً } وذلك أن المشركين لما سألوا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ما سألوه استراب المؤمنون إليه فقال اللّه تعالى { أفلم ييأس الذين آمنوا } .

وفيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : معناه أفلم يتبين الذين آمنوا ، قاله عطية ، وهي في القراءة الأولى : أفلم يتبين الذين آمنوا . وقيل لغة جرهم { أفلم ييأس } أي يتبين .

الثاني : أفلم يعلم ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد ، ومنه قول رباح ابن عدي :

ألم ييأس الأقوام أنِّي أنا ابْنُهُ

وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا

الثالث : أفلم ييأس الذين آمنوا بانقطاع طمعهم .

وفيما يئسوا منه على هذا التأويل وجهان :

أحدهما : ييأسوا مما سأله المشركون ، قاله الفراء .

الثاني : يئسوا أن يؤمن هؤلاء المشركون ، قاله الكسائي .

{ أن لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعاً } فيه وجهان :

أحدهما : لهداهم إلى الإيمان .

الثاني : لهداهم إلى الجنة .

{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهُم بما صنعوا قارعة } فيها تأويلان :

أحدهما : ما يقرعهم من العذاب والبلاء ، قاله الحسن وابن جرير .

الثاني : أنها الطلائع والسرايا التي كان ينفذها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، قاله عكرمة .

{ أو تحل قريباً من دارهم } فيه وجهان :

أحدهما : أو تحل القارعة قريباً من دارهم ، قاله الحسن .

الثاني : أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم ، قاله ابن عباس وقتادة

{ حتى يأتي وَعْدُ اللّه } فيه تأويلان :

أحدهما : فتح مكة ، قاله ابن عباس .

الثاني : القيامة ، قاله الحسن .

﴿ ٣١