٧٩قوله عز وجل : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ } وفي تسميتهم مساكين أربعة أوجه : أحدها : لفقرهم وحاجتهم . الثاني : لشدة ما يعانونه في البحر ، كما يقال لمن عانى شدة قد لقي هذا المسكين جهداً . الثالث : لزمانة كانت بهم وعلل . الرابع : لقلة حيلتهم وعجزهم عن الدفع عن أنفسهم ، كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) { مِسْكِينٌ رَجُلٌ لاَ امرأة له } فسماه مسكيناً لقلة حيلته وعجزه عن القيام بنفسه لا لفقره ومسكنته . وقرأ بعض أئمة القراء { لِمَسَّاكِينَ } بتشديد السين ، والمساكون هم الممسكون ، وفي تأويل ذلك وجهان : أَحدهما : لممسكون لسفينتهم للعمل فيها بأنفسهم . الثاني : الممسكون لأموالهم شحاً فلا ينفقونها . { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } أي أن أُحْدِثَ فيها عيباً . { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } في قوله { وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } وجهان : أحدهما : أنه خلفهم ، وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا به ، قاله الزجاج . الثاني : أنه كان أمامهم . وكان ابن عباس يقرأ : { وَكَانَ أَمَامَمُم مَّلِكٌ } واختلف أهل العربية في استعمال وراء موضع أمام على ثلاثة أقاويل : أحدها : يجوز استعماله بكل حال وفي كل مكان وهو من الأضداد ، قال اللّه تعالى { مِن وَرَائِهِم جَهَنَّمُ } أي من أمامهم وقدامهم جهنم قال الشاعر : أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا يعني أمامي . الثاني : أن وراء يجوز أن يستعمل في موضع أمام في المواقيت والأزمان لأن الإنسان قد يجوزها فتصير وراءه ولا يجوز في غيرها . الثالث : أنه يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ، ولا يجوز في غيره قاله ابن عيسى . { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } قرأ ابن مسعود : يأخذ كل سفينة صالحة غصباً . وهكذا كان الملك يأخذ كل سفينة جيدة غصباً ، فلذلك عباها الخضر لتسلم من الملك . وقيل إن اسم الملك هُدَد بن بُدَد ، وقال مقاتل : كان اسمه مندلة بن جلندى بن سعد الأزدي . |
﴿ ٧٩ ﴾